منذ منتصف ديسمبر 2013 وبعد قيام جهاز الشرطة التركية بإلقاء القبض على عدد من المسؤولين وأبنائهم، كان من بينهم 3 وزراء في الحكومة التركية التي رأسها آنذاك “رجب طيب أردوغان”؛ لاتهامهم بتلقي رشى وتورطهم في قضايا فساد، دأبت وسائل الإعلام التركية القريبة من “أردوغان”، علي اتهام الداعية الإسلامي التركي “فتح الله كولن” بتحريض الشرطة التركية على ذلك، وبدأت حملة إعلامية منظمة “لشيطنة” “كولن”، تضاعفت بعد 15 يوليو 2016 ليلة الانقلاب العسكري الفاشل الذي شهدته تركيا، واتهم “أردوغان” مباشرة “كولن” بتدبيره وبتحريض عناصر بالجيش التركي للانقلاب عليه.

 تلقّت وسائل الإعلام التركية الحكومية أوامر واضحة بتشويه الصورة الإعلامية للأستاذ “كولن” عبر نشر أخبار كاذبة ومفبركة عنه، والتلاعب بالتصريحات والخطابات الصادرة عن الأستاذ خلال الـ 40 عاما الماضية.

ومنذ ذلك التاريخ لا يمر يوم دون أنباء عن اعتقال موظفين حكوميين من مختلف الفئات للارتباط بالأستاذ “كولن”، حتى بلغت عدد الاعتقالات أكثر من نصف مليون مواطن تم توجيه اتهامات مختلفة لهم منها .. العمالة والتجسس والتحريض علي الانقلاب. وكذلك تم توجيه عدة اتهامات للإستاذ “كولن” منها التحريض علي الانقلاب ودعم الإرهاب والعمالة لدول خارجية. وهي اتهامات كاذبة لا يقبلها عقل سليم، كيف يمكن لمواطن تركي مقيم خارج البلاد منذ 20 عامًا أن يحرض علي الانقلاب أو يدعم جماعات إرهابية، وكيف تحول الأستاذ والمعلم ومربي الأجيال والمفكر الإسلامي الذي طالما تغنت بفضائله وسائل الإعلام التركية لمتهم بالإرهاب وكان أولهم “أردوغان” نفسه؟ فبعد نجاحه في الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت في منتصف 2010 وقف “أردوغان” أمام حشد من الجماهير ووجه التحية لمن يعيشون وراء المحيط ولفضلهم في الفوز ودعاهم للعودة للبلاد، وبالطبع كان المقصود هو الأستاذ “كولن”. بيد أن الأخير قد تعرض لحملة اغتيال معنوي وتشويه ممنهج من قبل دولة كاملة، لتحويله من مفكر عظيم اختير ضمن أفضل 100 شخصية بالعالم عام 2008 إلى متهم بالإرهاب، حيث سخّر “أردوغان” كافة وسائل الإعلام التركية الحكومية والخاصة لمصلحته، وتلقّت أوامر واضحة بتشويه الصورة الإعلامية للأستاذ “كولن” عبر نشر أخبار كاذبة ومفبركة عنه، والتلاعب بالتصريحات والخطابات الصادرة عن الأستاذ خلال الـ 40 عاما الماضية.

تعرض كولن لحملة اغتيال معنوي وتشويه ممنهج من قبل دولة كاملة، لتحويله من مفكر عظيم اختير ضمن أفضل 100 شخصية بالعالم عام 2008 إلى متهم بالإرهاب،

وكانت وسائل الإعلام المخالفة تتعرض للإغلاق ويتم اعتقال صحفييها، حيث تم إغلاق مجموعة “إيباك” و”فضاء” الإعلاميتين اللتين كانتا تضمّان عشرات القنوات التلفزيونية والصحف اليومية والمجلات الأسبوعية منذ الأول من مارس 2016؛ ومنذ الانقلاب العسكري الفاشل في 15 يوليو 2016 أغلقت الحكومة التركية 189 وسيلة إعلامية على الأقل، منها 5 وكالات أنباء، 62 جريدة، 19 مجلة، 14 راديو، 29 قناة تليفزيونية، 29 دارًا للنشر تابعة لحركة “الخدمة”، وذلك بموجب مرسوم تنفيذي أصدرته في إطار حالة الطوارئ المفروضة على البلاد. مما دفع الصحفيين والإعلاميين لوصف ما يحدث لهم بأنه “موت للصحافة والإعلام” بتركيا. وبذلك استطاع “أردوغان” السيطرة على كافة وسائل الإعلام داخل تركيا المقروءة والمسموعة والمرئية، ونشر ما يحلو له من أنباء  وتقارير مفبركة عن الأستاذ “كولن” وأصبح يتهمه بأنه السبب في كافة المشكلات التي تعاني منها البلاد الآن. فتحولت الصورة الإعلامية للأستاذ “كولن” داخل تركيا إلي المتهم الأول بكافة الأخطاء. ومن يعلم من النخبة التركية الحقيقة يخشى البوح بها لأنه سيتعرض للاعتقال والفصل التعسفي.

يجب على وسائل الإعلام العربية خاصة التركيز على نشر كل ما هو صحيح عن الأستاذ “كولن” وحركة “الخدمة” لتصحيح الصورة الإعلامية عنه

هكذا تم تشويه الصورة الإعلامية للأستاذ داخل تركيا، وهذا أثّر سلبًا علي نظيرتها خارج البلاد، حيث يمكن تقسيمها لجزأين الأول يتعلق بالصورة الإعلامية للأستاذ “كولن” في الدول العربية والإسلامية، وهي تتعرض للكثير من اللغط والخلط؛ لأنها تنقل عن الإعلام التركي ما ينشره حول الأستاذ، وهذا كان الوضع حتى الانقلاب الفاشل، فنجد أن كبريات الصحف العربية مثل (الشرق الأوسط، الحياة، الأهرام، الجمهورية، اليوم السابع) بدأت تنشر تقارير وموضوعات مختلفة عن الأستاذ وفكره وحركته وإنجازاتها وانتشارها في العالم، ولا يمر أسبوع واحد دون تقرير عن الأستاذ يتسم بالمصداقية العالية والدقة البالغة، وهذا لاينفي استمرار بعض وسائل الإعلام العربية الأخرى بنقل أنباء كاذبة نتيجة لعدم معرفتها أو تعمدًا لذلك لأنها تتأثر بالإعلام التركي أو تجامله.

منذ الانقلاب العسكري الفاشل في 15 يوليو 2016 أغلقت الحكومة التركية 189 وسيلة إعلامية على الأقل، منها 5 وكالات أنباء، 62 جريدة، 19 مجلة، 14 راديو، 29 قناة تليفزيونية، 29 دارًا للنشر تابعة لحركة “الخدمة”.

والثاني يتعرض للصورة الإعلامية للأستاذ “كولن” في الدول الأوروبية والأمريكية، وهي تختلف حيث نرى أنها صادقة ومعبرة عن الحقيقة نظرًا لكثرة المراكز البحثية الأجنبية المتخصصة في فكر الأستاذ “كولن” والدراسات والمؤلفات التي تعمقت فيه وعبرت عنه، ونلاحظ أن ما ينشر في كبرى الصحف العالمية مثل (نيويورك تايمز، واشنطن بوست، الجارديان، ديل شبيغل) ينقل الحقيقة إلى حد ما ولا يتأثر بما ينشره الإعلام التركي من افتراءات.   

ولذا، يجب على وسائل الإعلام العربية خاصة التركيز على نشر كل ما هو صحيح عن الأستاذ “كولن” وحركة “الخدمة” لتصحيح الصورة الإعلامية عنه فهو قدوة يقتدي بها كل مسلم ومثل أعلى لكل شخص يسعى للتأثير في مجتمعه، وذلك عبر إظهار الحقيقة وبيان ما له وللحركة من آيادي بيضاء وإنجازات في شتى المجالات التعليمية والصحية والتربوية والثقافية، ليس فقط داخل المجتمع التركي بل وخارجه، حيث تنتشر مؤسسات الخدمة التطوعية في أكثر من 160 دولة بالعالم.