الإنسان يحتاج إلى القرآن، والقرآن يحتاج إلى الإنسان في التعبير عن ذاته وجوهره، يحتاج إلى مخلصين اصطبغت قلوبهم بصبغته فاستحالوا قرآنا. عندما يُوضَع كتاب اللّٰه في معلقات مخمليّة جميلة على رفوف عالية مزخرفة، فلا يَرى النورَ إلا بين الحين والآخر لِتلمسه الأيدي إجلالا، وتقبّله الشفاهُ تبرّكا، وتعيده إلى مكانه يتيما، فمعنى ذلك أنه سجين لا يستطيع التعبير عن نفسه والإفصاح عن حقائقه، كيف، وليس هناك من يمثل رسالته السامية واقعا؟! لقد كان القرآن حاضرا وفاعلا في الحياة على مرّ القرون، كان الدليلَ الهادي والروح الساري لجميع البشرية منذ اللحظة الأولى التي تجلّى فيها على الأرض. فتارة انطلق نداؤه في الأرجاء كافة يشدو ويصدح ويدوي في الزمان والمكان؛ وتارة بحّ صوتُه، وخبا نورُه، وانكمش في صمت كئيب، حينما أُلجِمَ عن الكلام، ووُضِع في القُطُف المخمليّة مكبَّلا، وألقي في حجرات الزينة سجينا بئيسا.