ورد مفهوم الوراثة في ثلاثة مقالات من كتاب ونحن نقيم صرح الروح للأستاذ فتح الله كولن، (ونحن نقيم صرح الروح -الحركية والفكر -وارثو الأرض) 27 مرة. منها 24 موردًا كلها موصولة بلفظ الأرض صراحة أو ضمنًا. وواحدة موصولة بلفظ السماء (الوراثة السماوية)، والاثنتان الأخيرتان ليست لهما إلا دلالة لغوية (أورث / يورث) بمعنى سبَّب.
92 %من الاستعمالات الاصطلاحية للمفهوم وردت بصيغ اسمية، منها 65.21 % جاءت اسمًا للفاعل في صيغة المفرد (وارث) أو صيغة الجماعة (وارثو الأرض، ورثة، جماعة وارثة) والباقي مصادر، وهي: وراثة (17,39 %)، وميراث (08,61 %) وإرث (08,61 %).
إن تركيز النسبة في صيغ اسم الفاعل يؤكد فاعلية المؤمن- فردًا كان أو جماعة – في عملية وراثة الأرض. وهدف الشيخ كولن أن يبين شروط هذه الفاعلية التي سماها بخصال وارث الأرض، كما سماها صفات في غير ما موضع. وأما الصيغ الفعلية ـ على قلتها ـ فتؤكد امتداد هذه الفاعلية من الأرض إلى الكون كله، يقول كولن: ” مَن يـرث الأرض ويحكمها، يحكم عمق الفضاء والسماء أيضاً. إذن هي حاكمة في الكون كذلك”، وهذا ما يسميه كولن: “وراثة السماء”.
إن آية الأنبياء آية جامعة، فهي كما تؤكد على الثقة المطلقة في وعد الله الذي كتبه في الزبور من بعد الذكر، وهو وراثة الأرض، قد بينت الشرط الجامع أيضا لتحقيق هذا الوعد: وهو الصلاح (أن الأرض يرثها عبادي الصالحون)، وهذا الشرط الجامع فصلته آيات كثيرة في الكتاب العزيز. فقد ورد مفهوم الوراثة في القرآن الكريم عموما 35 مرة، 68.57% منها تتعلق بوراثة الناس للأرض، أي 23 مرة. ويلاحظ أنها موزعة بالتقارب على مجالات ثلاثة: ثمانية منها تتحدث عن وراثة الأرض في الدنيا، وسبعة موارد تتحدث عن نوع مخصوص من هذه الوراثة وهي وراثة العلم، كتابًا كان أو نبوة أو حكمة، وهذه الوراثة هي التي سيجعل منها الأستاذ فتح الله كولن وصفًا أساسيًا من أوصاف وارثي الأرض، والثمانية الأخيرة تتعلق بامتداد الوراثة الإيمانية الصالحة إلى الآخرة. ومن تتبع هذه الموارد يتبين أن شروط الصلاح التي جعلت في القرآن الكريم مناطا لبلوغ مرتبة وراثة الأرض كلها دنيا وآخرة هي نفسها التي جعلها الأستاذ صفات لوارثي الأرض.