إذا أردت أن تعرف قصة محبو الخدمة في دولة البوسنة والهرسك، فاستمع إلى هذا الفيديو أعلاه الذي يحكي فيه مصطفى جراحوفيتش أحد خريجي مدارس الخدمة في البوسنة والهرسك كيف دخل محبو الخدمة البوسنة مخترقين أصوات الصواريخ والمدافع، وتحت وقع نيران قنابل الطائرات، و سيطرة الهلع والخوف على القلوب. ذهب محبو الخدمة إلى البوسنة يحملون الأقلام والدفاتر بدلاً من المدافع والدبابات ليعلموا الأجيال السلام والحب والتسامح والتعايش السلمي بغض النظر عن اختلف الأديان والأعراق والإثنيات. يحكي جراحوفيتش قصة مدارس الخدمة في البوسنة فيقول:
“صباح الخير. اسمي مصطفى جراحوفيتش، وأنا من البوسنة، في عام 1994م قرر أربعة معلمين أتراك السفر إلى البوسنة، لقد سافروا وسط الحرب عبر الباص ومروا عبر الأنفاق، تلك الأنفاق التي كانت تربط بين سراييفو والمنطقة العازلة، انتظروا لأيام على حدود المدينة؛ لأن دخول المدينة كان يحتاج رخصة، والعسكر هم الذين كانوا يمنحون رخصة دخول المدينة، لذلك سأل أحد العساكر هؤلاء المعلمين: “لماذا تريدون الدخول؟ هل أنتم مقاتلون أو عساكر؟” أجابوه: “لا، نحن لسنا عساكر بل معلمون”، فسألهم العسكر: “وماذا ستفعلون هنا؟” “ليس هناك شيء في سراييفو، لا طعام ولا كهرباء ولا ماء!، ليس فيها سوى الماء والقناصون والصراعات!”، فأجابوه: “نريد أن نفتح أول مدرسة خاصة في سراييفو”، فضحك العسكري وقال: “ألا ترون ما يحدث؟ ألا تدرون كيف ستكون نهايتكم؟”، ثم بعد ذلك دخلوا إلى سراييفو تلك المدينة التي نسيها الجميع آنذاك”. في عام 1999 تخرجت من هذه المدرسة، لقد كانت أول مدرسة درست فيها مع أصدقاء أرثوذكس وكاثوليك وصرب، ودرست مع أصدقاء يوغوسلاف وروم وكروات في فصل واحد. من المستحيل أن تتخيل في تلك الفترة أن تجمع هؤلاء الأطفال في مكان واحد في البوسنة، من المستحيل أن تتخيل في تلك الفترة أن تجمع هؤلاء الأطفال في مكان واحد في البوسنة. مثلاً، الآن في البوسنة ما زال هناك نظام مدرستين داخل بناء واحد، يعني داخل بناء واحد يخصصون الطابق الأول لأطفال الكاثوليك والثاني للمسلمين، لكن في مدرسة الخدمة كنا مجتمعين حتى أبناء سفير صربيا آنذاك كانوا معنا، لقد كان هذا مدهشًا، تخيل دبلوماسي صربي يُرسل أبناءه ليدرسوا مع المسلمين، وكان هذا بعد الحرب مباشرة، من الصعب تخيل هذا.. لكنه حدث فعلاً.
معلمة بوسنية من مدارس الخدمة فازت بجائزة جوجل للتربية في هذا العام، وهذا مصدر فخر للبوسنة