قدّم حادث 15 يوليو لأردوغان مبررًا قويًّا لكي يحقق هدفه في ترسيخ سلطته، وتصفية حساباته مع كل من يمكن أن يشكلوا أمامه عقبة في طريق سيطرته الكاملة على البلاد سواء على مستوى القوى المدنية أو الدوائر البيروقراطية، ومؤسسات الدولة الهامة مثل الجيش والشرطة والقضاء ومن أبرز مكاسبه ما يلي:
1- شملت عمليات التطهير والاعتقالات الواسعة عناصر من البيروقراطيين والمجتمع المدني. ففي صباح اليوم التالي لمحاولة الانقلاب تم فصل 745 2 من أعضاء السلطة القضائية ثم اعتقالهم فيما بعد. كما تم عزل أكثر من 000 .120 موظف حكومي في الأشهر المتبقية، وواصلت السلطة عملياتها التطهيرية غير المسبوقة، التي استهدفت فيها عشرات الآلاف من المدنيين، من ربات البيوت وأمهات الأطفال الرضع. وقد قام أردوغان بملأ الفراغ الذي أحدثه بعزل هذا الكم الغفير من الموظفين في كافة قطاعات الدولة بأنصاره والمنتمين لحزبه.
2- مكنت هذه الأحداث أردوغان من إكساب دعوته للنظام الرئاسي ذي الصلاحيات الواسعة مشروعية أكبر من ذي من قبل، بعدما كانت غالبية الناخبين الأتراك يعترضون على هذا النظام الذي اقترحه أردوغان.وقد بدأ أردوغان يضغط من أجل التغيير، واستطاع -بنسبة ضئيلة- في استفتاء دستوري أجري في أبريل 2017، أن يحقق غايته ويستقر على مقعد الرئاسة بصلاحيات شبه مطلقة في عام 2018.
3- كان الجيش قبل هذه الأحداث قلعة محصنة يصعب على السلطة التنفيذية الاقتراب منها، فتمكن أردوغان من عزل كل المناوئين وإعادة هيكلة الجيش وفق أجندته، فقام بعزل 8.000 ضابط عسكري، منهم 150 ضابطًا من حلف شمال الأطلسي (نصف موظفي حلف شمال الأطلسي في الجيش التركي). كما بدأ أردوغان عملية تعديل شاملة لنظام التعليم العسكري والتجنيد والإعلام والترقية المرتبطة بالجيش التركي.
4- استجاب الجيش التركي لرغبات أردوغان التوسعية وقام باحتلال شمال الأراضي السورية، بعدما كان ذلك القرار يلقى معارضة واسعة من كافة قيادات الجيش التركي قبل محاولة الانقلاب. فأردوغان كان يريد أن تتدخل القوات التركية في شمال سوريا ،لكي تدعم الجيش السوري الحر ضد الجماعة المعروفة باسم “قوات سوريا الديمقراطية”، التي تقودها قوات وحدات حماية الشعب الكردية (YPG). لكن هذه الرغبة قوبلت بالرفض من جانب بعض القادة العسكريين الأتراك، مثل الجنرال آدم حودوتي قائد الجيش الثاني، والجنرال أردال أوزتورك، قائد فيلق الجيش الثالث، اللذين عرفا بالقادة الكماليين/العلمانيين. وقد تم اعتقال هذين القائدين بعد 15 يوليو. كذلك كان الجنرال سميح ترزي، قائد اللواء الأول للقوات الخاصة أحد القادة الذين عارضوا الغزو السوري،وقد قتل ترزي على يد ضباط أقل منه في الرتبة في تلك الليلة، هذا وقد بدأت القوات التركية غزو سوريا في أغسطس 2016، والآن تواصل عملياتها شمال سوريا بدعوى إقامة منطقة آمنة، فيما أطلقت عليه السلطة الحاكمة عملية (نبع السلام) العسكرية”، وهي العملية التي انطلقت يوم 9 أكتوبر/ تشرين الأول، ضد القوات الكردية.