عقدت مجلة حراء اليوم الأربعاء الموافق 12/2/2020، ندوة بعنوان “قراءة في كتاب نحو عالم بلا خوف”. حضر الندوة متحدثًا الأستاذ الدكتور إبراهيم الهدهد رئيس جامعة الأزهر الأسبق، والأستاذ بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر، ولفيف من طلاب العلم من مختلف بلدان العالم.
بدأت الندوة بكلمة للدكتور أبوزيد عبد الرحيم، رحّب فيها بالسادة الضيوف، وأكّد على الدور الرائد الذي تقوم به حراء في بناء الإنسان، إنسان السلام، إنسان المحبة، الإنسان الذي نتوق إليه، الإنسان الجديد، الإنسان المثالي، فارس الوجد، رجل القلب والحال، الناذر نفسه للحق والإنسانية، وقد شارك حراء في مسيرتها تلك على مدار خمسة عشر عامًا نخبة من المفكرين والعلماء والأكاديميين من بلدان مختلفة، اجتمعوا على رؤية واحدة هي العيش المشترك في عالم يسوده الإيمان بالله الخالق، والسلام والأمان والطمأنينة بين بني الإنسان.
وفي كلمته الماتعة والتي شنَّفت الآذان، وراقت في الأفهام، تناول الأستاذ الدكتور إبراهيم الهدهد كتاب “نحو عالم بلا خوف” من عدّة محاور رئيسة أهمها ما يلي:
- أن كتاب “نحو عالم بلا خوف” قد تناول قضية الأمن والأمان في ظل الأوطان، ونبذ العنف والتطرف والإرهاب ووضع الحلول الناجعة لعلاج هذه الظواهر البعيدة كل البعد عن منطق وفلسفة الأديان، من منظور العقل والتفكير الجمعي، إذ جمع الكتاب بين دفتيه ثمانية عشر مقالا لمجموعة من المفكرين تعددت مصادر تكوينهم الفكري والثقافي.
- أن قضية الأمن والأمان ليست قضية معاصرة، بل هي قضية متجددة في كل زمان ومكان، وقد قامت الدنيا على الصراع، وكان أول صراع بين قابيل وأخيه هابيل، ولكن الناس خلّدوا القاتل وأهملوا القتيل؛ ولهذا كان الأصل الذي جاءت به كل الأديان السماوية وفي مقدمتها الإسلام هو دعوة بني البشر للتعايش في سلام وأمان.
- من القواعد المقررة في الإسلام أن “كل إنسان أخ لك” إما أن يكون أخًا لك في الدين أو أخًا لك في الإنسانية، وهذه قاعدة مقررة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، قال الله تعالى: ﴿يَأيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾(النساء:1). فدائرة الأرحام الصغرى هي الأسرة، فعلاقتك بوالديك وإخوتك يجب أن تقوم على البر والتراحم والإحسان، والدائرة الأوسع للأرحام هي دائرة الأقارب والجيران، والتي يجب أن تقوم على التواد والتزاور والتراحم، أما الدائرة الأفسح للأرحام فهي الإنسانية جمعاء، والعلاقات فيها يجب أن تقوم على التعارف والتعاون والتعايش السلمي، قال تعالى: “يَأيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”(الحجرات: 13)
- أكّد الكتاب أن الوطن ليس حفنة من التراب، بل هو انتماء وولاء والإنسان في احتياج إلى الوطن كحاجته إلى الطعام والشراب، وأن حب الأوطان من الإسلام، كما أقر الإسلام حقوق المواطنة وضرورة التعايش السلمي المشترك، والتحذير من نقد العقائد.
- رُتِّبت المقالات في الكتاب ترتيبًا سديدًا، فبدأ الكتاب بالبناء عن طريق تقرير حب الأوطان، وأن حب الأوطان فطرة بشرية، ثم جاءت مجموعة المقالات التالية للحديث عن رصد الواقع الأليم الذي تحياه الإنسانية، وقد تقرر من خلال الرصد أن هناك خلالا في العلاقات، ومن ثم جاءت مجموعة المقالات الأخيرة تحمل علاج هذا الخلل.
- أن الأمن البدني يمكن جلبه وبناءه والعمل عليه، أما الأمن النفسي فهو الأصعب والأشد، فبناء الأوطان يبدأ بالأمن النفسي وهذا ما أكد عليه القرآن من خلال قوله تعالى ﴿أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾(القصص:57)
- أن الله لا يلزم الكافرين بالإيمان به مع كراهيتهم للإيمان قال تعالى: ﴿أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ﴾(هود:28)، كما وضع القاعدة القرآنية “لكم دينكم ولي دين” حتى يستقيم التعايش على هذه الأرض.
- اختتمت الندوة بمجموعة من الأسئلة التي طرحها الطلاب الوافدون وأجاب عنها الدكتور الهدهد.
جدير بالذكر أن كتاب “نحو عالم بلا خوف” هو الكتاب التاسع من سلسلة الكتب التي تصدرها مجلة حراء.
لمطالعة الندوة يمكنكم الاشتراك في قناة حراء على اليوتيوب من خلال هذه الرابط: https://www.youtube.com/c/HiraMedia