نشر موقع صحيفة زمان التركية مقال الأكاديمي النيجيري أبو بكر صديق محمد المنشور في صحيفة ليديرشيب (LEADERSHIP) الناطقة باللغة الإنجليزية، والذي حمل عنوان “لا أهلا ولا سهلا بالرئيس أردوغان”، وكان نص المقال:
عزيزي الرئيس رجب طيب أردوغان، نظرًا لأنني لست مسؤولاً في الحكومة النيجيرية، فإن محتوى هذه الرسالة ليس تصريحًا رسميًا من مضيفك أو حكومة بلدي.
أرى أنه من المناسب أن أتواصل معك من خلال هذه الوسيلة بينما لا تزال موجودًا في بلدي الجميل قبل موعد مغادرتك. أفضل أن تأخذ نسخة من هذا الإصدار من جريدة (LEADERSHIP) الصادرة يوم الجمعة كتذكار إلى أنقرة.
لقد اعتقدت أن زيارتكم الرسمية لبلادنا تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية والدبلوماسية بين نيجيريا وتركيا، لكنني فوجئت عندما غامرتم بالخوض في قضية “الإرهاب” في خطابكم خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس محمد بخاري. كان بإمكاننا أن نغفر لك لو كان الغرض الرئيسي من زيارتك هو تقديم الوعظ والنصح في مسألة الإرهاب حقيقة، لكن الجميع كان مدركًا تمامًا أنك تتحدث عما سميته منظمة فتح الله كولن التي تحمّلها مسؤولية محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو 2016 ضد حكومتك.
قلت في خطابك خلال المؤتمر الصحفي المشترك: “أعضاء الصحافة الموقرين.. نحن كدولة تركيا، كنا نراقب عن كثب التطورات الجارية في نيجيريا، بلدنا الشقيق والصديق. تنشط المنظمات الإرهابية والعصابات المسلحة وقطاع الطرق البحرية بشكل مستمر في نيجيريا والسلطات النيجيرية تحاربهم باستمرار. لذلك نقوم بكل ما هو المتاح من أجل زيادة التعاون في المجالات العسكرية والدفاعية والأمنية. كما ندرك حقيقة أن تركيا تحارب المنظمات الإرهابية منذ عقود عديدة، مثل حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي ومنظمة فيتو وداعش وغيرها من المنظمات الإرهابية الأخرى”.
وأضفت قائلا: “منفذ الانقلاب الفاشل، منظمة غولن الإرهابية، لا تزال تنشط بشكل غير قانوني في نيجيريا، ونحن نشارك باستمرار معلوماتنا الاستخباراتية مع نظرائنا النيجيريين. آمل وأدعو الله أن يقوم إخواننا النيجيريون بتضامن أوثق في هذا المجال مع جمهورية تركيا. آمل وأدعو الله أن تسفر زيارتنا عن أفضل النتائج، وأود أن أشكر أخي الموقر الرئيس بخاري على ضيافته الكريمة”.
ما لا يعرفه الكثير من النيجيريين، سيدي الرئيس، هو أنك وفتح الله كولن كنتما في نفس المعسكر تحت نفس الحركة قبل أن تفترقا بسبب خلافات سياسية اندلعت داخل حزب العدالة والتنمية الذي تنتمي إليه. السؤال هو: هل كنت إرهابيا آنذاك مثله؟!
إن ما قدمته حركة غولن لنيجيريا ليس إلا “الخدمة”، الخدمة للإنسانية. نيجيريا شاهد على خيرية ونافعية حركة الخدمة التي تجسدت في شركة نصرت (Nusret) وقيامها بشراكة فكرية عالية مع مؤسساتنا التعليمية حيث يتم عقد الندوات والمؤتمرات بانتظام والتي تتناول مواضيع مختلفة متعلقة بالتنمية الوطنية. كما أن شركة نصرت تنشط في العمل الإنساني، حيث تقوم بتلبية احتياجات الأيتام والأرامل داخل مجتمعنا، وتقوم أيضا بتقديم المنح الدراسية وتوفير القوت اليومي للمحتاجين، ولقد شاهدنا ونشهد أن شركة نصرت أطعمت الملايين من خلال برامج الإفطار التي تعقد في شهر رمضان، وتوزيع اللحوم في عيد الأضحى بصورة مجانية على المحتاجين في مختلف محافظات بلدنا.
أما مؤسسة أفق للحوار، فهي تعد جانبا مهما من الخدمة، وقد عملت على تفعيل الحوار واستخدامه كوسيلة لإحباط الاحتكاكات أو ظهور الأزمات الدينية، كما عملت تلك المؤسسة على تعزيز الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والوئام الديني بين أتباع المذاهب المختلفة في نيجيريا.
إن التعليم هو الهدف الرئيسي للخدمة، ولقد استفاد المجتمع النيجيري ككل من مدارس حركة الخدمة (NTIC) المنتشرة في أنحاء نيجيريا.. سيدي الرئيس أردوغان إن زيارتك إلى نيجيريا ناقصة بدون جولة في إحدى مدارس الخدمة، ففي داخل هذه المدارس سترى البيئة النيجيرية بتنوعاتها اللغوية والقبيلة والدينية والثقافية جميعها مجتمعة في مكان واحد، وأينما وجدت إحدى مدارس الخدمة في أي ولايات نيجيريا فجميع الآباء يسارعون في تسجيل أبنائهم في تلك المدرسة، وأنا فخور بأني أب لطلاب يدرسون في مدارس الخدمة وأنا بكل تأكيد لست إرهابيا! لن أتطرق في حديثي هنا إلى جامعة النيل والتي تعد صرحا تعليميا في منطقة العاصمة الفيدرالية، كما لن أتطرق في حديثي هنا إلى مجال خدمات الرعاية الصحية ولا مستشفى النظامية التابعة للخدمة والتي تقوم بدور عظيم في ذلك المجال.
سيدي الرئيس، إن كل ما ذكرته من أنشطة حركة الخدمة لا يدخل ضمن وصفك بأنه “نشاط غير قانوني في نيجيريا”، حيث إنه في نيجيريا لا يوجد شيء خارج القانون فيما يفعله أو يقوم به حلفاؤك السابقون الذين تحولوا إلى أعداء اليوم.
سيدي الرئيس، كما ذكرتم فإن نيجيريا هي “أقدم حلفاء تركيا في أفريقيا، بعد 60 عاما من العلاقات الدبلوماسية”، لكن أليست تلك العلاقة بائسة ومؤسفة، فبعد 60 عاما من العلاقات ليس لدى تركيا ما تظهره كرمز لوجودها في نيجيريا لا مدارس ولا مستشفيات ولا شيء؟ واليوم وللأسف الشديد فإن تركيا وتحت إشرافكم تريد جني مالم تزرعه في نيجيريا من خلال الاستيلاء على مدارس ومؤسسات حركة الخدمة أو إغلاقها من خلال تصنيفها بأنها إرهابية!
سيدي الرئيس لدي نصيحة لكم، أثناء زيارتكم الحالية هنا في نيجيريا، اسمح لمضيفك الكريم بتنظيم قاعة بلدية ليجتمع فيها أولياء أمور طلاب مدارس الخدمة ويمكنك مخاطبتهم وإخبارهم بأن أولادهم يتعلمون الإرهاب! أؤكد لك سيدي الرئيس، أنك لن تنسى أبدا زيارتك لنيجيريا بسبب رد الفعل الكبير الذي ستتلقاه من أولياء الأمور.. إن النيجيريين يعرفون من هو الإرهابي وماذا يفعل، فالإرهابيون سيدي الرئيس يفعلون بالضبظ ما تحاول القيام به وهو: إغلاق المدارس وعدم نشر التعليم بين الناس! إذا كانت حكومتك تريد أن يكون لديكم مدارس ومستشفيات ومؤسسات للتعليم العالي في نيجيريا فيمكنها القيام بذلك، فحكومتنا تشجع مثل هذه المشاريع، لكن الاختباء تحت الستارة الدبلوماسية لوصم حركة بأنها إرهابية والقيام بنهب ممتلكاتها ومؤسساتها، إن لم يكن هذا إرهابا فلا أعرف بم يمكن أن أصفه!
لقد ذكرت أنك “كنت تراقب عن كثب التطوارت الجارية في نيجيريا” ويغريني هذا الكلام بأن أسأل: ما هي المساعدات التي قدمتها تركيا لنيجيريا في حربنا ضد الإرهابيين والمتمردين لأكثر من عقد حتى الآن؟ ولقد قلتم إنك هنا “من أجل التعاون العسكري والأمني، فسنقوم بكل ما يمكننا فعله….” إننا في لغة الهوسا نقول:
(Mu gani a kasa)، أي: دعونا نرى ما زعمتموه على أرض الواقع) وإلا فإنها مجرد كلمات جوفاء لا تدل على شيء!
سيدي الرئيس، لقد أصبح وصف أحدهم بالإرهاب أداة تستخدمها الأنظمة القمعية في جميع أنحاء العالم لمواجهة أي نقد أو معارضة، بالضبط مثل أولئك الذين أشرت إليهم في قولك “الواقفون وراء انقلاب 15 يوليو الفاشل”.
عندما طالبت الولايات المتحدة الأمريكية بتسليم فتح الله كولن طلبت واشنطن منك، سيدي الرئيس، دليلا وإثباتا من حكومتكم قبل تسليمه. هذا ما كان اشترطه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما على تركيا، واليوم الرئيس بايدن لا زال ينتظر الإثبات والدليل حتى يسلم لك ما تطلب. ونحن أيضًا نقول مثلهم: قدم دليلك إن كنت صادقا فيما تدعيه!