• من هو الأستاذ فتح الله كولن:
ولد عام 1938م. وقيل 1941 في قرية “كوروجوك” العائدة إلى قضاء “باسِينْلَر” التابعة لمحافظة “أرضُرُومْ” في عائلة محافظة لها سبعة أولاد، خمسة منهم ذكور. عمل والده “رامز أفندي” إماما حكوميًا في جوامعِ مدن عديدة.
قضى طفولته في هذه البيئة المحافظة على القيم المعنوية وفي جو كلاسيكي من أجواء التكية والمدارس الدينية. ولكنه كان يحمل بين جوانحه عشقًا خاصًا للعلم ورغبة كبيرة للمعرفة والفهم. ولم يكن في مقدور هذه البيئة الضيقة إشباع تطلعاته. وبتعبيره هو فقد كثّف اهتمامه من حين لآخر في السنوات الأولى من وجوده في المدرسة الدينية على المشاكل الاجتماعية. وكلما كَبُر هذا الدماغ الصغير ونضج شيئًا فشيئًا، بدأ بالتعرف على دنيا الفن والأدب والسينما والمسرح والحركات الفكرية الموجودة في بيئته.
أنهى دراسته بالمدارس التقليدية العتيقة في وقت قصير، ولكنه لم يجد فرصة للتعلم في المدارس الرسمية. وكان البلد يشهد منذ عهد التنظيمات وحتى تلك السنوات مشاكلَ سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، مما أدى إلى ظهور نقاشات طويلة حول نشأة أفكار كثيرة، في ظل تجاهل العديد من المشاكل المتعلقة بالإسلام وبالحياة الاجتماعية والدينية.
وقد انتبه الأستاذ فتح الله كولن في السنوات المبكرة من عمره إلى المسائل والنـزاعات الدينية و السياسية والثقافية والاقتصادية و الاجتماعية، نعم بدأ وهو شاب يافع بالتفكير الجدي في علاجٍ نتائج عصرين كاملين من الانحطاط. وكان يرى أنه لابد من نَفَسٍ جديد ورغبة قوية في حل تلك المشاكل المعقدة. وقد كان مهموما بتنشيط الفكر الراكد للأمة الإسلامية.
فكانت أولى العقبات في طريقه استمالة التيارات الإسلامية التقليدية للخروج من دوامة الركون على الماضي واجتراره والتفرج على ما يقع من جهة، ومن جهة ثانية كيف له أن يتصدى لتيار التغريب الجارف. حينها وجد نفسه بين أمواج اليأس والتقليد من جهة تيار الحداثة والاستلاب من جهة ثانية. لكم العديد من الباحثين والمتتبعين يقرون بأن “قوة الكلمة” التي همدت منذ زمن ونامت بين أحضان الأمة، قد بُعثت من جديد واستيقظت بفضل أسلوب هذا الرجل الحماسي الجديد و إخلاصه الذي لا تحده حدود.
فقد بدأت وظيفته الرسمية للمرة الأولى في عام 1959م، عندما فاز بالامتحان الذي رَتَّبَتْه “مديرية الشؤون الدينية”. ودامت هذه المرحلة ثلاثين عامًا قضاها إمامًا واعظًا ومدرسًا للقرآن الكريم وإداريًّا. فقد عمل واعظًا في محافظات؛ “أَدِرْنَة”، و”كِيركْلارْ أَلِي”، و”إزمير”، و”أدرَمِيتْ”، و”مانيسا”، و”جَنَقْقَلْعَة” وغيرها. وفي هذه المرحلة من وظيفته الرسمية كواعظ، تشكلت تجربته الأولى وممارساته وحواره وعلاقاته مع الجماهير وعبر إحياء دور الكلمة الطيبة.
وقد عاش الأستاذ فتح الله كغيره من كبار العلماء والأولياء فترة رياضة نفسية شاقة استغرقت أعوامًا عدة، أذهبت معها جميع حالات الانفعالات البشرية غير المنضبطة، ومرت جميع مشاعره من مصفاة هذه التربية. فنراه وهو في ذروة الحماسة في خطبه، وَقورًا منضبطا. و قد روى لنا المقربون من تلاميذه أنه قبل خروجه أمام الجماهير يشعر بآلام تشبه آلام المخاض. لأنه يعتني عناية فائقة ألا يصدر عنه أيّ فكر أو كلام لم يأت أوانُ ولادته. فهو القائل أن الكلمة شهادة وكل من أراد أن ينطق بها ولم يجد في نفسه صدقا فليتوقف ولا يتممها.
وهكذا عمل على التوفيق بين التيار التقليدي المحافظ باستنهاض همم أهله، وبين التيار المتغرب بلجم غلوه وتبهيت مسلماته، وكل ذلك عبر التوفيق بين المسلمات الدينية و الحقائق العلمية.
بذلك نجح فتح الله كولن في تقديم فكر جديد برع في التوفيق بين التيارين وتقديم بديل إنساني تفوق في إقناع الطرفين بجديته وجذواه.
ولم يتردد الأستاذ فتح الله كولن في إظهار هويته الدينية، لأنه حقّق ذاته ضمنها. كما لأنه لا يقبل عزل هوية أي إنسان وتجربته الدينية والروحية عن كيانه الاجتماعي، لذا فهو يملك نظرة متكاملة عالمية عامة. وهو يؤكد على الدوام أن الإنسان المتدين الحقيقي سيكون ذا فائدة كبيرة للمجتمع وللدولة وعاملاً في رقيهما. هكذا وفي الوقت الذي يتسابق ويتنافس المفكرون المعاصرون للتركيز على أهمية عنصر الدولة و المدينة والاقتصاد، في التنمية البشرية،
نجد فتح الله كولن يتّجه إلى “الإنسان” أولا وأخيرا ويجعله محور كل تقدم وتغيير. لذلك فهو يرى أن أهم معضلة تواجه المدنية المعاصرة هي مشكلة تعليم الإنسان وإعداده وتربيته. فإذا أصبح الإنسان إنسانًا فاضلاً، أصبحت الدولة فاضلة، وعمت التنمية. وبجرأة ناذرة أستطاع ان لقوم ” بثورة إصلاحية بيضاء”على الطرفي دون أن يخسر أحدهما. فهو من جهة تمسك بأصوله ومن جهة أخرى حقق مطلب التقدم والتنمية. وبذلك أنشأ هوية جديدة لمسلم معاصر متشبث بأصالته ومعانق للحضارة الإنسانية، وهي معادلة لازالت الكثير من الدول والشعوب تبحث عنها.
بهذه الروح ازدادة حميمة العلاقة بين فنح الله وبين الجماهير التي بدأت تقبل على فكرة يوما بعد يوم. وتَعَرَّفَ الأستاذ على مشاكلها الدينية والاجتماعية والثقافية، حيث صَبَّ جل اهتمامه على إيجاد طرقٍ تُنقذ الجماهيرَ من الضيق أو الفوضى التي تعاني منها. ثم اتجه إلى مشاكل العالم الإسلامي ووجد الفرصة لتوجيه قريحته نحو عالم أوسع. ونتيجةً لرحلته الفكرية هذه، وَجد أن المشكلة في بلده وفي العالم الإسلامي أو في الحضارة الحالية كلها، هي “الإنسان” بحد ذاته وتعليمُه وتربيته وتدريبه.
وفي بداية السبْعينات حاول تطبيق خطته في التعليم والتربية على الطلاب الشباب، ثم في المدارس التي شجّع على إنشائها في معظم بلدان العالم. فانتقل بذلك من النظرية إلى التطبيق العملي.
وقد حاول الأستاذ فتح الله كولن لسنوات عديدة إقناعَ الأوساط المحافظة بفائدةِ مشاريع التربية والتعليم، كما بذل جهدًا كبيرًا في إقناع الأوساط الحكومية الرسمية أيضًا بأنه لا يستهدف من هذه المشاريع سوى مصلحة الجماهير وخدمة الروح والهوية الملّية، ولا يحمل أي هدف سياسي أو أيدولوجي.
لقد أصبح الأستاذ كولن حديث الساعة في تركيا، وبؤرة اهتمام كبار موظفي الدولة ورجال السياسة، والأكاديميين والمثقفين والإعلاميين، وأصبحت أعوامُ التسعينات كما يقول تلميذه الأستاذ “أنس أركنة” أعوامَ الانفتاح على العالم الخارجي من جهة، وأعوامَ إجراء الحوارات مع مختلف الفئات. فبدأ عهد حوار لم يحدث مثيل له في التاريخ الحديث لتركيا. بينما كانت تركيا قبل الثمانينات مسرحًا لنـزاعِ وصدام العديد من الحركات و التيارات الأيدولوجية، وأدت تركيا ثمنا باهضا نتيجة لذلك. لكن فتح الله كولن استطاع أن ينقذ الجماهير العريضة التي كان يخاطبها، من الانزلاق إلى هذه النـزاعات والخصومات ويبعدَهم عن التطرف. حيث بدأ فتح الله كولن بإرساء ثقافة الحوار وقبول الآخر، والبعد عن التعصب.
قام فتح الله كولن بعد ذلك بمحاولات وتجارب أولية لمشروعه الكبير لإرساء قواعد الحوار بين الحضارات. فقام بعقد اجتماعات بين ممثّلي مختلف الأفكار، وبين ممثلي مختلف أنماط المجتمع وأديانه. وبمرور الزمن نتجت عن هذه الرغبة اجتماعاتُ مدينةِ “أَبَنْتْ” (Abant)، أو ما أطلق عليه اسم “مِنْبر أَبَنْت للحوار”. لم تعد هذه الاجتماعات اجتماعاتِ مجاملة، فقد شُكل هنا كادر علمي جاء أعضاؤه من مختلف الجامعات ومختلف الاختصاصات ومختلف المدارس الفكرية. وانقلب الصراع هنا إلى صراع فكري وعلمي.
بالرغم مما جلبت الحياة العصرية للإنسان من وسائل للعيش الآمن الكريم، بقدر ما عمقت من جراحه. ولعل التحرشات العاملة والتهديدات الفردية والجماعية تعد واسطة عقد هذه الجراح. لذا لابد من فكر عالمي سديد يقرب الشقة بين المختلفين ويهدئ من روعة الحائرين. ولعد التأمل في الفكر الإسلامي عموما والكلام الرباني خصوصا سيكون أحسن مدخل للكشف عن منهج إنساني عالمي سديد. و إني أزعم أن ما قام به عدد من المفكرين العظام عبر أرجاء المعمور يصلح لبنة لإقامة هذا الصرح. كما أقدر أن الكتاب الذي بين يدينا يعد نموذجا عاليا لهذا الفكر العالمي الإنساني الرشيد.
• أهم المحطات في حياة الأستاذ “كولن”:
بدأ واعظا في سنة 1957 في الأناضول.وفي سنة 1958 أصبح إماما في جامع”أجشرفلي”. وفي عام1961 دخل لأداء الخدمة العسكرية،وفي سنة 1963 انتهت الخدمة العسكرية بسبب المرض الذي أصيب به فغيروا مكانه إلى إسكندرون. وفي سنة 1964 اشتغلبمدينة أدرنة مجددا. وفي 1965 عين واعظا بمركزKırklareli ثم في سنة1966 عين واعظا بمركز إزمير، و بعد ذلك أصبح مدرسا في “كستان بزاري”. وفي 1968 ذهب إلى الحج بصفته موظفا في وزارة شؤون التربية التعليم.وفي 1969 بدأ ترحاله واعظا في بعض البلدان. وكان وعظه على شكل حلقات في المقاهي. وفي 1971انتهى عمله كمدرس بمدرسة “كستان بازاري”. واعتقل في 3 ماي فور صدور مذكرة اعتقال وحبس إثر ذلك لمدة 6 أشهر، وأطلقوه في 6 نونبر.اشتغل مدة سنتين واعظابمركز Edremit و في 1974 عين واعظا فيManisa . وفي سنة 1974توفي أبوه رامز أفندي. ثم في 1975 انطلقت سلسلة محاضراته تحت شعار “القرآن والعلم” منها “درونزم، النسل الذهب”،العدالة الاجتماعية والنبوة… وبهذه المناسبة زار Ankara, Diyarbakır ,Çorum,عدة مناطق منها: Erzurum , Malatya , Konya , Antalya, Aydın …
وفي 1976 عين في Bornova بمحافظة إزمير.وفي سنة 1977 ذهب إلى ألمانيا كموظف وتكلم في أماكن متنوعة. وسنة 1979 بدأ كتابة مقالات في مجلة شهرية باسم sızıntı وفي 1980لم تكن هناك فرصة للقيام بأي من هذه النشاطات. وفي سنة1981 استقال من خدمة الوعظ.
• بعض مؤلفات الأستاذ فتح الله المترجمة إلى العربية:
• “ونحن نقيم صرح الرّوح”:
يعاني المسلمون تفككا روحياّ رهيبا، وهذا التفكك هو سبب مشاكلهم الإيمانية وأزماتهم الحضارية.وهذا الكتاب القيم يشخص علّة هذا التفكك،ويبين أسبابه وتداعياته.فعلة العلل في ذلك انهيار صرح الروح، وسقوط مناراته العالية، الذي أحدث دويا سمعه العالم كله، وأحدث اضطرابا هائلا في شخصية المسلم وفي أسس إيمانه.إن هذا الكتاب النفسي الذي لم نقرأ مثيلا له يرسم خارطة دقيقة وتفصيلية للكيفية التي يمكن ب بإقامة هذا الصرح العتيد من وهدته. إنه يجوب القلب البشري، ويأتي بلبنات البناء من مقلاعه،ويجوس خلال الروح، ويعود بفلذاتها لتكون الحجر الأساس فيه.ولكي يعلو شامخا بحيث يراه العالم كله من أي جهة نظر إليه، ويجد في ظله الأمن والأمان. وخير من يقوم بهذه المهمة الإيمانية الحضارية هو جيل الطهر والإيمان الذي لم تتلوث روحه، ولم يتنجّس قلبه. والكتاب طافح بالأمل في مستقبل قيام هذا الصرح، وهو حين يقوم فسيكون أعجوبة من أعاجيب هذا العصر، يعلو على كل صرح، ويسمق فوق كل حضارات القلب والروح في الماضي والحاضر.
• “النور الخالد: محـمــــد مفخرة الإنسانية”:
جولة مباركة في آفاق السيرة الشريفة، تحت نظر القلب، و بمعية الروح والوجدان. إنه يتتبع النور المحمدي الخالد، ويمضي معه في اختراقه صدف الظلام، وتدفقه في شعاب التاريخ والإنسان.فالسيرة عند مؤلف الكتاب حضور دائم لا يغيب، يعايش أحداثها المباركة في فكره ووجدانه، ويمتلئ بحسه وشعوره، إنها نبض القلب، وخفق الجنان.إنها تشكل عقله، وتنظم فكره، فتنعكس عنه سلوكا محمديّ البصمة، وسننا يحرص على أن يشكل منها واقعه وواقع الناس.
وسيرى قارئ هذا الكتاب كيف أكثر المؤلف من الوقوف عند المنعطفات الكبرى في السيرة، وكيف زاد من تأملاته في أحداثها الخطيرة، وأشبعها فحصا ودراسة، استخلص منها العبر والعظات، واستنبط الدروس، ورتّب المهم لحياتنا الحاضرة، وما هو أكثر، وما هو ملحٌّ وأكثر إلحاحا. وأشار إلى التوافق بين سنته الكونية، وكيف أكدت السنة على الحيطة والحذر والأخذ بالأسباب في صغير الأمور و كبيرها، و كيف جاءت السيرة موافقة لها.كل هذه الأمور سيجدها القارئ في هذا الكتاب مؤطرة بإطار روحي عال، وبعقلانية لا إفراط فيها ولا تفريط..
• “طرق الإرشاد في الفكر والحياة”:
هذا الكتاب فريد في نوعه، إذ هو ليس كما قرأنا من كتب في الموضوع نفسه، بل من الممكن أن نطلق عليه عنوانا آخر فنقول إنه كتاب في (المعاناة والألم) من أجل الدعوة، بالإضافة إلى كونه شعلة تضيء العمق إنسان، وما تطفح به من نازع إيماني فطري عميق.والكتاب يكاد كله يكون عملية تحريك لهذه الفطرة المدركة، وترجمة رؤاها، والتعبير عن أهدافها ومقاصدها. كما أنه ضدّ الفكرية التي تعاني منها بعض الدعوات.
والكتاب، بعد ذلك، يهدف إلى إرساء قواعد أساسية منظمة في العمل الدعوي، تحول بين الداعية والانفلات إلى مجالات أخرى غير ملتزمة وغير منظمة. وبذلك تحتفظ الدعوة بقواها ألتي تمنعها من الانفلات والتبدّد في غير ما جدوى.
• “روح الجهاد”:
يعرض الكتاب شمولية الإسلام في تناول قضايا الحياة كافة، واحتضانه الإنسانية جمعاء، وتوفيقه بين شؤونه الدنيا والعقبى، ورفعه الإنسان إلى مرتبة أحسن تقويم. كما يشرح الجهاد الأصغر والأكبر بشكل تفصيلي،مع بيان وظائف الجهاد،وما يلحق بالمسلمين من المهالك والأخطار بتركه.ويبين مدى خطر الإرهاب وخدمته للأعداء الخارجيين الذين يريدون استغلال واستعمار البلاد.
والمؤلف بأسلوبه البديع يخرج الجهاد من مفهومه الضيق، ويجعله أمرا يملأ حياة المسلم بكل حركاته وتصرفاته وسكناته وتفكيره، وإن الجهاد الأصغر مرتبط بما يحرزه المسلم من الانتصار في ساحات الجهاد الأكبر في نفسه وعالمه الداخلي.وعلى المسلم أن يقوم بوظيفة التبليغ والإرشاد في المجتمع الذي يعيش فيه لإنقاذ من يجوب في وديان الضلالة، ويضيع حياته في سبيل العدم. وإن الجهاد هو وظيفة الأنبياء، وسبب خلق الإنسان، وشأن الخلافة على الأرض، وذلك أن الهدف المقدّر للإنسان هو الإيمان بالله، ومعرفته تعالى، والوصول إلى طريق الخلود بتلك المعرفة، والإيمان ورؤية حلاوة البقاء والخلود في هذا العالم الفاني. والجهاد بمفهومه الواسع هو الكفيل بالوصول إلى هذا الهدف المنشود.
• “حقيقة الخلق ونظريّة التطوّر”:
لا تزال نظرية التطور تحدث بلبلة في فكر الجماهير، ولا سيما بعد محاولة بعض الكتاب المسلمين التأليف بينها وبين الإسلام. و هي نظرية خطيرة جدا لأنها:
1-تحاول إثبات أن جميع المظاهر الرائعة للحياة ظهرت بعوامل المصادفات، لذا فلا حاجة هناك لوجود الخالق.
2- تحاول إثبات أن الحياة صراع، والبقاء للأقوى، وأنه لا مجال هناك للضعيف…لذا كانت هذه النظرية السند العلمي للنظريات العنصرية والفاشية.
3- هذه النظرية تخالف ما جاء في جميع الكتب السماوية من أن آدم، عليه السلام، هو أبو البشرية، لذا فهي تزرع بذور الإلحاد والشك في نفوس جميع أتباع الكتب السماوية. وبما أن هذه النظرية لا تزال تدرّس في جميع المدارس والجامعات في العالم، فإن خطرها لا يزال مستمرّا، ولم يتم القضاء عليها كما يتوهم بعض البسطاء وبعض المتفائلين.
• “ترانيم روح وأشجان قلب”:
هذا الكتاب يعالج قضايا إيمانية عظيمة الأهمية بأسلوب أدبي رشيق، يستطيبه وينجذب إليه القرّاء مهما كانت مستوياتهم الثقافية والفكرية.ولا شيء من الوصف يصدق على المؤلف كما يصدق عليه وصفنا بأنه روح عظيم الأفكار بدافع من شرف المحتد، ونبل الخلق،وطهارة الضمير، وهو كثير الانطلاقات إلى مواطن الذكرى من التاريخ الذي ينتمي إليه، حتّى غدا قلبه غابة شجن ووجد، ودمعه ينبوع حرقة وكمد، يكاد يتمزق عندما يمرّ على أطلال حضارة كانت يوما ما ملء عين العالم وسمعه، أو يقلّب صفحات دين مهجور جفاه أهله، ونأى عنه القريب قبل الغريب. وجهل ناسه مواطن العظمة فيه فنسوه وأهملوه.
• “الموازين أو أضواء على الطّريق”:
هذا الكتاب عبارة عن نظرات في مختلف شؤون الفكر والحياة والمجتمع. وهو يضع أمام القارئ موازين دقيقة في مختلف هذه الشؤون، ويفتح بصره وبصيرته أمام حقائق عديدة قد يغفل عنها وهو في خضم هذه الحياة… وهي حقائق تمثل روح الأمة وفكرها وذاتها وماهيتها، وتحول دون ذوبان الفرد المسلم في تيارات الأفكار الواردة إلينا من الغرب أو من الشرق، وتحقق شخصيتنا واستقلال أفكارنا.يقترب فيه المؤلف من هذه الشؤون مرة بنظر العالم، ومرة بنظر المفكر، ومرة بروح الشاعر. ولكنه لا ينسى في أي مرة من هذه المرات أن أبرز صفة عنده أنه داعية يدعو إلى الله تعالى على بصيرة، العقل عنده شيء ضروري، ولكنه لا يكفي.فهناك البصيرة النفاذة أيضا، وهي تخطو أبعد من العقل. والعلم ضروري، ولكن الحكمة أرحب وأوسع.
• “القلوب الضارعة”:
موسوعة فريدة لأدعية كبار الأولياء والصالحين…بين دفتي هذا الكتاب، الذي جمعه العالم الرباني فضيلة الأستاذ فتح الله كولن، أنات قلوب، وأشواق أرواح،و دموع واجدين،وضراعات توابين حارقين نجيعهم على عتبات سامع النداء، ومجيب الدعاء، ومكفكف الدموع، وقابل التوب، الرحمان الرحيم، والبرّ الغفور…
هنا يتلاشى الزمان، ويضمحل المكان، ولا شيء يبقى غير فياضات أشواق، وومضات احتراق،ومكابدات أكباد، وكوًى تتفتح على أيد الأبدية، ومشاكاة أنوار تتألق في سماء الخلود.هنا رجال أدركوا فسموا بإدراكهم,وعرفوا فارتفعوا بعرفانهم.فلم يعودوا واقعين تحت ضغوط الأرض،أمحبوسين في ضيق الكائنات.إنهم رجال ملهمون، وإلى آفاق الغيوب يستشرفون.
• “القدر في ضوء الكتاب والسنة”:
يتناول الكتاب مسألة القدر الـتي عدّت منزلات الأقدام، ويقدمها بأسلوب سهل مقنع من خلال أمثلة واقعية، ويبين أنها مسألة “حالية وجدانية “أكثر مما هي مسألة عقلية. والكتاب مفعم بالأجوبة الشافية المزيلة لما علق في العقل من أدران الشبهات حول القضاء والقدر، وما يتعلق بهما من العلم الإلهي، والمشيئة الإلهية، والخلق والجزء الاختياري للإنسان، وماهية الجزء الاختياري. ويوضح الكتاب مكاسب الإنسان بالقدر، ويحلل المسألة من خلال الآيات الكريمة والأحاديث، وإيضاح هيمنة القدر والتقدير، والنظام والانسجام، والتخطيط والميزان والاتزان على الكون كله، بدءاً من أصغر شيء إلى أكبره،سواء أكان حياً أم جامداً. كما يوضح عدم وجود تناقض بين القدر الإلهي والإرادة الجزئية للإنسان، ويعقد موازنة بين المشيئة الإلهية ومشيئة الإنسان مبينا وظيفة الإرادة عند الإنسان.ويحس القارئ اللبيب وهو يقلب صفحات الكتاب أن المؤلف يتناول هذا الموضوع الشائك بأسلوب شيق سلس يستفيد منه العوام والخواص.
• “التّلال الزّمرّديّة: نحو حياة القلب والرّوح”:
إنّ فضيلة الأستاذ بكيانه كله، وبوجوده أجمعه، روح عظيم فياض بالمعارف الإلهية. لقد ذهب بعيداً وبعيداً جدّا في ارتقاء الروحية، إلا أنه لم ينس لحظةً واحدةً أنه صاحب قلم مسؤولية عن إيمان أمة، وعن حياتها الروحية والحضارية، فما ابتعد إلا اقترب، وما غاب إلا حضر، وما ارتقى إلا ليرتقي بأمته، و ما عرف إلا ليعرّف أمّته،فهو دائم الروح بين الله تعالى وبين خلقه، بين سمائه و أرضه، بين عرج وهبوط، وهبوط و عرج، لكنه مع الأمة دوما في أوجاعها و معاناتها.
والصوفي الحق قرآني الروح، سنيّ السلوك، فلا عرج ولا ارتقاء إلا فيهما ومنهما. فإذكاء نار العداء بين الذين يسمون أهل الشريعة والحقيقة أجج في السابق ويؤجج اليوم صراعات خطيرة بين المسلمين، وهو وهم يجب الانتباه إليه، ولعلّ الله تعالى يقيض رجالا من روّاد الحقيقة، ورجالا من رواد الشريعة، ليتداركوا هذا الأمر الخطير، ويردموا ما بين المسلمين من هواة واسعة عميقة.
• “أضواء قرآنية في سماء الوجدان”:
لم يزعم مؤلف الكتاب أنه في معرض التفسير لما تناوله من آيات قرآنية، على الرغم من امتلاكه شروط المعرفة التفسيرية وأدواتها. وكلّ الذي فعله أنه سجّل في هذا الكتاب ما تلقّاه من ومضات و إشارات من بعض ما تلقي سماء وجدانه المرهف من نجوم القرآن. ومع ذلك فإنه لم يغفل تماما آراء المفسرين في الآيات التي عرض لها.غير توسع بعض الشيء فيها، وانقدت في خاطره أفكار ومعان جديدة مضافة تحتملها الآيات من حيث تركيبها اللغوي والبلاغي، ولا تشتطّ أبداً في الإيمان عن أصول التفسير وقواعده المعروفة.ولا شك أن هذه الخطرات أملتها ظروف العصر، وظروف الدعوة الإسلامية المعاصرة، وأوحت بمعارف العصر وعلومه وتوجهاته الفكرية و الروحية.
• “أسئلة العصر المحيرة”:
يحاول الجيل الجديد حاليا تلمس طريقه بين كل هذا الصخب من الأفكار والفلسفات التي تغزو دياره، والقادمة إليه من الشرق والغرب. ومعظم هذه الأفكار الجديدة عليه تشكل تناقضا مع ما ورثه من أسس فكرية انتقلت إليه من عائلته. وهو في خضم هذه الأفكار الجديدة المتضاربة بعضها مع البعض الآخر والمتناقضة مع جذوره الإسلامية يقف حائرا أيدع نفسه للتيار القوي الهدار الذي يحاول قلعه من جذوره، أم يرجع إلى جذوره؟ ولكن كيف يرجع وجذوره الفكرية هذه متهمة ليل نهار بالرجعية وبأنها لا تناسب روح العصر؟
لذا ففي مثل هذا الخضم الصاخب من الأفكار، يكون دور مثل هذه الكتب التي تتناول المواضيع التي تثار حولها الأسئلة مهمة جدا، وطوق نجاة للعديد من الشباب الذين يتوقون لمعرفة الحقيقة، ولا يدرون كيف يصلون إليها.قد أخذ الأستاذ محمد فتح الله كولن حاجة الشباب بنظر الاعتبار، فصرف جهدا كبيرا في سبيل إزالة الشكوك من عقول الشباب، والإجابة على الاستفسارات والأسئلة التي تحيّر عقولهم.