ينقد الأستاذ “فتح الله كولن” في كتابه نظريةَ التطور لـ”داروين”.. فهو يرى أن “الداروينية” سقطت إلى الأبد في اليوم الذي أثبت فيه العلم الحديث أنَّ لهذا الكون قانونًا يحكمه، ويضبط شؤونه، ويدير آليته.. وهذا يعني أنّ للكون عقلاً يهيمن على جزئيات الكون وكلّياته، وبذلك تسقط مقولة “الداروينية” بنفي العقل عن الكون.

ومبدع العقل الكوني هو مبدع كلّ العقول، وهو الله سبحانه وتعالى الذي سعت “الداروينية” إلى حجب وجوده عن العالم وإبعاده عن إرادة الخلق والإيجاد.

وفي الغرب كما في الشرق، مفكرون كبار نقدوا الداروينية وأثبتوا زيفها، منهم “برناد شو” المفكر الإنجِليزي المشهور؛ فقد هاجم هذه النظرية بقوة وسخر منها واعتبرها واحدة من أسباب تدهور الغرب وتصدُّع حضارته.. وهو يرى -كما يرى كثير من مفكري الغرب ومنهم المؤرخ الكبير “توينبي”- أن العودة إلى الدين هو المنقذ والمخلّص لهذه الحضارة من التدهور والسقوط المريع.[1]

وقد سعى الأستاذ فتح الله كولن في كتابه آنف الذكر إلى تبديد الأوهام التي تحاول هذه النظرية غرسها في عقول أنصاف المتعلمين في الشرق العربي والإسلامي بما تحيط به نفسها من هالة علمية مشلَّة للأذهان، ومخدّرة للعقول؛ فقليل من البصيرة المدركة كفيلة بكشف عوار هذه النظرية وتهافت أركانها، وتساقط أسسها.

فإذا كان أصل الإنسان حيواني الجذور، فأين يذهب “داروين” بأشواق الإنسان الروحية والماورائية، وكيف يفسّر قيام النظم الروحية التي تغطّي العالم، والنظم الذهنية العالية اللذين يجد فيهما الإنسان تلك النشوة الحيوية التي هي أعمق من أن يدركها المدركون، وأوسع من أنْ تحتويها أوسع الذهنيات..؟! فما يحدث في دواخل الإنسان من الإدراكات العالية يعني أن الإنسان أعظم وأرقى من أن يكون حيواني الأصل، بل هو صناعة إلهية وهِبَ من الحالات الذهنية الواسعة والعميقة بقدر ما في الكون من عوالم. وهذه النظرية لا زالت تحدث بلبلة في فكر الجماهير، ولاسيما بعد محاولة بعض الكتاب المسلمين للتأليف بينها وبين الإسلام، وهي نظرية خطيرة جدًّا لأنها:

1-تحاول إثبات أن جميع المظاهر الرائعة للحياة ظهرت بعوامل المصادفات، لذا فلا حاجة هناك لوجود الخالق.

2-تحاول إثبات أن الحياة صراع، والبقاء للأقوى، وأنه لا مجال هناك للضعيف… لذا كانت هذه النظرية السند العلمي للنظريات العنصرية كالنازية والفاشية.

3-هذه النظرية تخالف ما جاء في جميع الكتب السماوية من أنَّ آدم  هو أبو البشرية: «أنتم بنو آدم، وآدم من تراب»، لذا فهي تزرع بذور الإلحاد والشك في نفوس جميع أتباع الكتب السماوية. وبما أن هذه النظرية لا تزال تدرَّس في جميع المدارس والجامعات في العالم فإن خطرها لا يزال مستمرّاً، ولم يتم القضاء عليها كما يتوهم بعض البسطاء وبعض المتفائلين.

إذن فلا بُدَّ من أن يقف عندها أصحاب الدعوات لكي يبينوا زيفها وخطأها وخطرها على الفكر الديني، وهذا ما فعله المؤلف في هذا الكتاب. فالكتاب في سطور هو:

  • كتاب نقدي يسعى لتفنيذ نظرية “داروين” في “النشوء والارتقاء”.
  • آثار هذه النظرية التخريبية في الدين والمجتمع والدول.
  • “الحياة للأقوى” مفهوم دارويني يؤجج الصراعات بين الشعوب والحضارات، ويبرر استعمار القوي للضعيف.

•        الإباحية الجنسية وجذورها الداروينية في العصر الحديث.

[1]     انظر: سقوط الحضارة، لكولن ولسن.

 

Leave a Reply

Your email address will not be published.