امتزجت الثقافة الإسلامية والتركية وخلقتا تقليدًا ثريًّا وعريقًا للعطاء في تركيا. ويُصبح من السهل في مثل هذا السياق اكتشاف أن أحد أهم أسباب نجاح حركة كولن هو قدرتها على كسب ثقة الجماهير عبر استثمار شبكة الدوافع الخيرية الحاضرة مُسْبقًا في المجتمع التركي. على سبيل المثال؛ عندما أوجز الأستاذ كولن رؤيته في توفير تعليم جيد لكل الشباب التركي، بتأسيس بيوت الطلبة، وعقد دورات تحضيرية، وأخيرًا مدارس ثانوية وجامعات؛ فقد دعا جميع من ألهمته تلك الرؤية للمشاركة في توفير تلك الفرص للشباب في تركيا. إذ تحدَّى الرجالَ والنساء ليصبحوا مُعلِّمين، ويُكرِّسوا حياتهم لتعليم الشباب. ومديري مدارس ليتفانوا في تأسيس مناهج من الدرجة الأولى، وبيئات مناسبة للتعليم؛ ورجالَ أعمال لِيُنمُّوا أعمالهم لتربح أكثر حتى يتمكنوا من دعم أنشطة الحركة ماليًّا.

علاوة على ذلك؛ فقد أعلن دعوته إلى العمل على أساس من قيم المجتمع التركي الإسلامي؛ مثل: كرم الضيافة والعطاء والصدقة والالتزام بمساعدة المعوزين في المجتمع. تلك الأفكار، والتضحيات التي تنطوي عليها؛ كانت مألوفة لأولئك الذين سمعوا دعوة كولن، واستجابوا لها؛ لأنها كانت جزءًا لا يتجزّأ من الثقافة التي تربُّوا عليها. لقد زوّدهم كولن، ببساطة؛ بالوسائل التي يمكن للأتراك التعبير بها عن الكرم والعطاء بوصفها من ميادئ ثقافتهم ودينهم. وباختصار؛ فإن المشاركين في الحركة الذين يتصدقون على الطلاب الفقراء والذين يُرسلون لحوم أضاحيهم للعلائلات الفقيرة في جنوب شرق تركيا وفي قلب إفريقيا، والذين يُكرّسون مهنهم وتجاراتهم للعمل الصالح، أو الذين يساعدون ضحايا الكوارث الطبيعية؛ جميعهم مدفعون بالتقاليد العريقة للعمل الخيري والإحسان الإنفاق في سبيل الله المتأصّلة في المجتمع التركي، والتي هي جزء من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: هيلين روز ايبو، حركة فتح الله كولن تحليل سوسيولوجي لحركة مدنية متجذرة في الإسلام المعتدل، ترجمة عبد الرحمن أبو ذكري، تنوير للنشر والإعلام، طـ1، 2015م، صـ139/ 140.

ملحوظة: عنوان المقال من تصرف محرر الموقع.