في حواره الأخير مع الصحفي بجريدة الأهرام العربي أ/ أيمن سمير أكّد الأستاذ فتح الله كولن العالم والمفكر التركي المعروف، أن الذين يعرفونه ويعرفون الخدمة عن قرب يعلمون جيدا أن أردوغان لم يكن تلميذا له قط، وجاء جواب الأستاذ كولن هذا ردًّا على بعض المحللين الذين يعتقدون أن حزب العدالة والتنمية يُمثل الغطاء السياسي للخدمة، وأن الخدمة تُمثِّل الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية.
لسنا صديقين
كما أكد الأستاذ كولن كذلك في أكثر من حوار أنه لم تكن بينه وبين أردوغان أية صداقة من أيِّ نوع، أو تحالف سياسي كما يظن البعض، لا مع حزب العدالة والتنمية ولا مع غيره من الأحزاب السياسية الأخرى بل إن العلاقة بين الطرفين كانت علاقة مواطنة فقط، وهي علاقة مبنية على وعود قطعها أردوغان ومن شاركه في تأسيس حزبه على أنفسهم للمواطنين. فقد وعدوا الجميع بسيادة القانون وتطبيق العدالة، ووَعدوا باحترام الرأي الآخر ولو كان معارضا، ووعدوا كذلك باحترام الحريات الدينية، والانفتاح على العالم، فبناء على تلك الوعود ساند محبو الأستاذ كولن وأغلبية الشعب التركي أردوغان وحزبه، ولكنهم قد عدلوا عن كل تلك الوعود التي قطعوها على أنفسهم للمواطنين في تركيا، وذلك عندما أحس بالتمكن وشعر بالقوة، فبدأ لا يقبل أي انتقاد ويرفض أن يتحدث أحد عن أخطائه أو أخطاء حكومته، ويبرز عن وجه الديكتاتوري الحقيقي.
حشد أردوغان كل إمكانات الدولة التركية، واستنفر جميع الدبلوماسيين وأجهزة المخابرات من أجل الضغط لإغلاق مدارس الخدمة وجامعاتها في العالم.
خلافاتنا جذرية
أكَّد الأستاذ كولن أيضًا في هذا الحوار أن الخلافات في وجهات النظر والرؤى بينه وبين أردوغان جذرية، بدءا من استغلال الدين من أجل مصالح سياسية، وإقحام السياسة في المدارس الدينية، وجعل الدين والتعليم الديني أداة للوصول إلى الأغراض السياسية، وتقديم الإسلام للناس باعتباره أيديولوجية سياسية وهو ما يُعد أكبر خيانة يمكن أن ترتكب في حق الإسلام، إلى قضايا أخرى عديدة لعل أهمها، أن حركة الخدمة التي تقوم بأعمال ناجحة في مجال التربية والتعليم على نطاق العالم، لم تتبنّ ما ادّعاه أردوغان من أنه «زعيم المسلمين في العالم» ولم تدعمه في ادعائه هذا، ولم تروّج له في العالم الإسلامي على أنه قائد المسلمين وخليفتهم، وكان أردوغان يأمل أن تقوم الخدمة عبر مؤسساتها التعليمية والخدمية المنتشرة في أكثر من 170 دولة بالسعي لتحقيق أردوغان هذه الطموحات، ولكن الأستاذ كولن ومحبيه أصروا على استقلاليتهم ورفضوا رفضا قاطعا أن تكون الخدمة أداة في مشروع أردوغان السلطوي، فأثار ذلك حفيظته وحقده، وجعله يحشد–حتى اليوم – كل إمكانات الدولة التركية، ويستنفر جميع الدبلوماسيين وأجهزة المخابرات من أجل الضغط لإغلاق مدارس الخدمة وجامعاتها في العالم أو تسليمها إلى جمعية معاريف، ويبذل كل ما في وسعه لإعادة أبناء الخدمة وترحيلهم إلى تركيا والزج بهم في السجون.
كان أردوغان يأمل أن تقوم الخدمة عبر مؤسساتها التعليمية والخدمية المنتشرة في أكثر من 170 دولة بالسعي لتحقيق أردوغان لطموحاته في أن يكون زعيمًا للمسلمين في العالم.
الخدمة على مسافة واحدة من الجميع
لقد كان الأستاذ فتح الله كولن دائمًا يصرح بأنه يقف على مسافة واحدة من الجميع، ولا أدل على ذلك من مساندته لبعض السياسيّين السابقين لأردوغان مثل “سليمان دَمِيريل” رئيس الوزراء التركي الأسبق الذي ترأس مجلس الوزراء وأصبح رئيسًا لتركيا فيما بعد أو “طورغوت أُوزَالْ” والذي كان أيضًا رئيس وزراء ومن ثم أصبح رئيسًا لتركيا أو “بولنت أجاويد” الذي كان رئيس وزراء لدورة واحدة. فكل واحد من هؤلاء السياسيين تمكن من الحصول على دعم الشعب التركي في فترات مختلفة، بناء على وعود مماثلة قطعوها على أنفسهم للشعب التركي مثل تنمية الديمقراطية واحترام سيادة القانون وتوسيع نطاق الحريات الفردية إلخ.