مقدمة

إن تصور الأديان المختلفة للمرأة كان أحد الهواجس الإجتماعية التي عاشتها أوروبا في عصر النهضة وما بعد الحرب العالمية الثانية وكذلك في أمريكا أيضًا، فكثيرًا ما كانت تدور النقاشات حول دور المرأة داخل المجتمع، والأمر لازال كذلك ولكن انتقلت الظاهرة لعالمنا الإسلامي، ومع ظهور الحركات الإسلامية المتطرفة أصبح هناك فهم خاطئ يتم ترسيخه حول العالم أن الإسلام  لا يرى المرأة شريكًا فعلاً داخل المجتمع ويقصر دورها على البيت ولا تتعداه بحال من الأحوال، لكن على وجه الحقيقة، هل هذا موقف الدين الإسلامي من المرأة؟ أم هو فهم خاطئ ووجهة نظر؟

لقد حاول الأستاذ كولن وبكل إخلاص أن يقدم رؤيته لدور المرأة داخل المجتمع وفقًا للدين الإسلامي، ويضعنا الكاتب فاروق مرجان أمام الأسئلة التي أجاب عنها الأستاذ حول طبيعة دور المرأة داخل المجتمع وهو ما سيساعد بدوره القارئ لفهم تصور الأستاذ كولن لطبيعة دور المرأة داخل المجتمع.

*****

لقد طُرِح على الأستاذ فتح الله كولن عام 1995 سؤالاً في غاية الأهمية، وهو: هل يمكن للمرأة أن تكون مسؤولاً إداريًّا؟ فكان جوابه كما يلي:

“ليس هناك سبب يمنع المرأة من أن تكون مسؤولاً إداريًّا؛ وفي الواقع يرى المذهب الحنفي أن المرأة يمكن أن تكون قاضيًا”. (من مقابلة نُشرت في صحيفة الصباح في 23 يناير/كانون الثاني 1995).

عند الحديث عن المرأة وحقوق المرأة على وجه الخصوص، فإن المسألة ليست بالطبع ما إذا كانت المرأة يمكن أن تكون مسؤولاً أم لا؛ وقد نوقشت مواضيع لا حصر لها، بما في ذلك مكانة المرأة في المجتمع ووضعها، ومدى إدراجها في شؤون الدولة والحياة العملية، والعلاقات بين الرجل والمرأة، وطريقة اللباس.

إن رسول الله ﷺ، والقرآن الكريم، والتعاليم القرآنية لا تفرق بين الرجال والنساء.

لم يسمح القانون التركي للطالبات بارتداء الحجاب في الجامعات؛ ويختلف التقليد التركي بشأن ارتداء الحجاب قليلًا عن النقاب أو البرقع، والتي تعد موضع جدال في الغرب. ومع استثناءات طفيفة، فإن النقاب والبرقع لا ترتديهما النساء التركيات بصورة تقليدية، ولكن ترتدي النساء التركيات الحجاب لتغطية شعرهن، في حين يظهرن وجوههن بالكامل.

وربما سيكون من المفيد النظر إلى موقف كولن من المرأة في العلاقات بين الذكور والإناث، قبل المضي قدمًا لمناقشة كافة القضايا الأخرى. وقد أوضح كولن ما يلي في مقابلة نشرت في صحيفة حرية عام 1995:

“لا يمكن للرجل أن يعيش دون المرأة، وكانت معاناة أبي البشر آدم عليه السلام في الجنة لأنه ليس له شريك يحيى معه ويأنس به، كما أن نعيم الجنة الذي تمتع به عند العثور على حواء، كان يتوقف على الجمع بين هذين الكائنين، أي كزوجين. وإذا أردنا أن ننظر لهذه المسألة من منظور إسلامي، فإن رسول الله ﷺ، والقرآن الكريم، والتعاليم القرآنية، لا تفرق بين الرجال والنساء كمخلوقات منفصلة.

“وفي حين أنه قبل 14 قرنًا من الزمان، لم يكن الغرب يمنح المرأة مكانة في المجتمع، وحتى في القرنين الخامس والسادس بعد ذلك، دار جدل حول ما إذا كانت المرأة لديها روح، أو ما إذا كانت شيطانًا أم إنسانًا، فقد كانت النساء تشارك بصورة كاملة في كل جوانب الحياة في الإسلام. فقد قامت ‘عائشة (رضي الله عنها)، زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم، بقيادة الجيوش. وفي الواقع، وفي تناقض صارخ مع الحاضر اليوم، لم يكن هناك أماكن مخصصة للسيدات في المساجد، واعتادت النساء أن يصلين في المساجد سويًا مع الرجال”. (مقابلة نشرت في صحيفة حرية في 27 يناير عام 1995).

وفي مقابلة مع مجلة أكسيون في يونيو/حزيران عام 1998، تحدث كولن عن الدور الكبير الذي قامت به النساء في الإسلام:

“لقد قام القرآن الكريم، الذي يعطي اسم “النساء” إلى واحدة من أطول ثلاثة سور فيه، بتكريم النساء مثل مريم، وآسيا زوجة فرعون، وناقش هذا الأمر باستفاضة؛ وعلاوة على ذلك، فإن النسل المبارك لأعظم أفراد البشرية جمعاء، الرسول الكريم ﷺ، استمرت إلى يومنا هذا من خلال ابنته فاطمة رضي الله عنها، وليس من ابنٍ له. كما أن مكانة أم المؤمنين”عائشة” رضي الله عنها المتميزة في الإسلام معروفة على نطاق واسع”. (6 يونيو 1998، مجلة أكسيون).

وفي عام 2012، طرح راينر هيرمان السؤال: “هل الرجال والنساء متساوون؟” وكانت إجابة كولن مستفيضة وجلية في هذا الصدد:

“نعم، المرأة حرة ومستقلة أمام القانون، ولا تؤدي أنوثتها إلى الحد أو الإبطال من أهليتها؛ وعندما يُنتهك أي حق من حقوقها، مثلما هو الحال مع الرجل، يمكنها تقديم التظلمات والدعاوى. وإذا تعدى شخص على ممتلكاتها بغير وجه حق، فلديها كافة حقوق الاسترداد المناسبة؛ ويميل المسلمون من جنسيات متنوعة إلى تقديم سرد تاريخي خاص بهم عن العادات والتقاليد للمظهر الإسلامي، والإعلان عن تقاليدهم الخاصة باعتبارها أحكامًا للدين الإسلامي الحنيف. بل إنهم استندوا في أحكامهم الدينية (الاجتهادات) إلى عاداتهم وتقاليدهم، وبدأ انتهاك حقوق النساء بهذه الطريقة، واضطرت النساء إلى العيش في حدود ضيقة عن أي وقت مضى، وتم عزلهن تمامًا عن الحياة الاجتماعية في بعض الدول، ولكنهم لم يفكروا أبدًا في خطورة هذا الاتجاه.

لا تختلف المرأة عن الرجل في المبادئ الأساسية للإسلام من حيث التمتع بحقوق حرية العقيدة، وحرية التعبير، وحرية الامتلاك، واستخدام الممتلكات كما تشاء، والمساواة أمام القانون.

“ولا تختلف المرأة عن الرجل في المبادئ الأساسية للإسلام من حيث التمتع بحقوق حرية العقيدة، وحرية التعبير، وحرية الامتلاك، واستخدام الممتلكات كما تشاء، والمساواة أمام القانون، والحق في الزواج وتكوين الأسرة، والسرية وحُرمة حياتها الخاصة… فضلًا عن حماية ممتلكاتها، وحياتها، وشرفها تمامًا مثل تلك التي للرجال، وهناك عقوبة مناسبة لأولئك الذين ينتهكون تلك الحقوق”. (رينر هيرمان، لصحيفة فرانكفورتر ألجمين زيتونج في 6 ديسمبر 2012).

الإسلام لا يمنع المرأة من العمل

سُئل كولن على شاشة التلفزيون الهولندي في عام 1995، عن حقوق المرأة ومكانتها في الإسلام، وكان جوابه كما يلي:

“النساء والرجال في الإسلام هم وجهين لحقيقة واحدة؛ ومن حيث تكملة بعضهم البعض، فإن بعض الأشياء السلبية في أحدهما تُظهر نفسها على أنها إيجابية في الآخر. فهم يشكلون الكل عندما يجتمعوا معًا؛ وسيكون من المفيد بدرجة أكبر أن ننظر إليهم على أنهم تروس العجلة. ونتيجة لذلك، فسوف ينتجوا نظامًا كاملًا من خلال الاتفاق المتبادل والدعم وتقسيم العمل” (مقابلة مع التلفزيون الهولندي في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 1995).

النساء يمكن أن يكن حكامًا

في مقابلة له عام 1997 مع صحيفة يني يوزيل في نيويورك، توسع كولن في تعليقاته حول قضية حقوق المرأة، قائلًا: “إن المرأة وفقًا لديننا ليست مُلزمة حتى بأن تُرضع طفلها”. وفيما يلي الجزء المتعلق بذلك في المقابلة:

“كانت هناك في العصور القديمة آلهة من النساء لأن النساء امتلكن السلطة، ثم ظهرت الآلهة الرجال عندما انتقلت السلطة إلى أيدي الرجال؛ ومن المؤسف، أنه لم يتم إحداث توازن في هذا الشأن. وبدلًا من أن يكتسب الجانب الآخر حقوقًا، أعني بها نظامًا عادلاً ومتوازنًا، تولدت ردود الفعل. إن ما ينطبق بين الرجل والمرأة في جوهره ليس مسألة تفوّق لحساب طرف وإنما تقسيم للعمل.

إن النسل المبارك لأعظم أفراد البشرية جمعاء وهو الرسول الكريم  استمرت إلى يومنا هذا من خلال ابنته فاطمة  وليس من ابن له.

“إن المرأة وفقًا لديننا ليست مُلزمة حتى بأن تُرضع طفلها؛ فقد فسر ذلك أشخاص مثل يسوي، ومولانا، ويونس [إيمره] بطريقة ممتازة، مثلما فعل أبو حنيفة، الذي قال إن النساء يمكن أن يكن حكامًا. وكنا نحن من اخترع هذه الانقسامات [الكاذبة] في هذه الحلقة السببية المفرغة” (21 يوليو/تموز 1997، صحيفة يني يوزيل).

وقد سألت نيفال سيفيندي، بوصفها صحفية، كولن عن حجاب المرأة؛ وفي إجابته، أكد فيما يلي على أن الإسلام والقرآن الكريم لا يحددان طريقة واحدة لغطاء المرأة:

“لقد وردت تغطية النساء في القرآن الكريم، ولكن لا توجد مواصفات لكيفية وشكل ما يجب القيام به؛ كما أن الخوض في الشكل سيؤدي إلى تضييق الأفق العريضة للإسلام وعدم النظر في البعد الجمالي. بل إنه حتى قد يقلل، في الواقع، على نحو خاطئ من شأن الدين الإسلامي الحنيف إلى مجرد دين يهتم بالزيّ. وبالمثل، فإن الحجاب ليس واحدًا من أساسيات الإيمان أو المبادئ والشروط الأساسية للإسلام (الأصول)؛ فهو يتنافى مع روح الإسلام في اعتبار الناس خارج كنف الدين بسبب هذه العوامل، فالفرض والإصرار في هذا الصدد هو الإفراط والإكراه، بل يكون حتى سببًا للاستياء والنفور”.

الحجاب

في عام 1997، مع حظر ارتداء الطالبات اللاتي يدرسن في الجامعات للحجاب في تركيا، أوضح كولن مكانة الحجاب في الدين، وقال إن اختيار لبس الحجاب من عدمه هو قرار يجب على الطالبات اللاتي يرغبن في الدراسة أن يتخذوه وفقًا لضميرهن الشخصي. وأوضح موقفه على النحو التالي في مقابلة نُشرت في صحيفة ميليت اليومية عام 2005:

“عندما كانت هناك منذ فترة محاولات لمنع الأطفال من الدراسة، وأعربت حينها عن آرائي حول الحجاب من خلال التعامل مع المسألة من ناحية الأصول (الأساسيات) والفروع (القضايا المتصلة بالأساسيات ولكنها ثانوية نسبيًا في وضعها) في الدين؛ وقلت حينها أن ارتداء الحجاب ليس أمرًا جوهريًا مثل أساسيات الإيمان والأركان الخمسة الأساسية للإسلام، وينبغي أن يقرر الناس بأنفسهم أن يختاروا بين الحجاب والمدرسة. وكان رأيي بشأن هذه المسألة بعد ذلك هو اختيار الدراسة، واعتقدت أن هذا النهج هام لراحة الناس من شتى مناحي الحياة ومن أجل مستقبل تركيا”.

إن ارتداء الحجاب ليس أمرًا جوهريًا مثل أساسيات الإيمان والأركان الخمسة الأساسية للإسلام، وينبغي أن يقرر الناس بأنفسهم الاختيار بين الحجاب والمدرسة. وكان رأيي بشأن هذه المسألة هو اختيار المدرسة.

وأضاف “إن ما أتوق إليه هو أن يتم النظر في حقوق المرأة جنبًا إلى جنب مع حرية الفكر والتعبير، كما هو الحال في البلدان الغربية”.

“أتمنى أن يلتزم الناس بكافة واجباتهم الدينية، بما في ذلك المسائل الثانوية، شريطة ألا يكون هناك تدخل في الإدارة، وأن يكونوا أحرارًا فيما يتعلق بضميرهم ودينهم؛ وبدلًا من توسيع المجال العام- الذي يحد من مجال نشاط الناس- فلماذا لا نسلط الضوء على حقوق الأفراد وحرية التعبير حتى نتمكن من تهيئة الفرص للناس كي يعيشوا وفق الأصول والفروع المتعلقة بدينهم” (صحيفة ميليت، في 25 يناير 2005).

لقد ربط كولن استخدامه لمصطلح الفروع بالحجاب عام 1997 في مقابلة له مع صحيفة راديكال:

“وفيما يتعلق بحالة فتياتنا الصغيرات اللاتي يواجهن صعوبة، أتمنى لهن أن يتخذن خياراتهن لصالح التعليم. وبطبيعة الحال، فأنا ضد التدخل في تعليم أولئك اللواتي يُغطين شعرهن لأغراض دينية؛ ويحزنني إجبارهن على الاختيار بين التعليم ومسألة ذات قيمة ثانوية في الدين” (21 يونيو 1998، صحيفة راديكال).

وبعد سبع سنوات بالضبط من مقابلة نيفال سيفيندي، قامت نوري أكمان من “صحيفة زمان” بإجراء مقابلة مع كولن، وسألته مرة أخرى عن مكانة المرأة وحقوقها في الإسلام؛ حيث أوضح ما يلي في هذه المقابلة التي نُشرت على مدار أحد عشر يومًا في صحيفة زمان عام 2004:

“في إطار المعايير التي يحددها الدين، يمكن للنساء والرجال الجلوس معًا والالتقاء ببعضهم البعض، كما هو الحال في معظم الأحيان؛ وكانت النساء يزرن النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت لديهن مسائل، وكذلك أسئلة لطرحها. وأحيانًا كن يسألن النبيﷺ مباشرة دون الذهاب إلى فرد آخر من أفراد الأسرة أو إلى زوجته عائشة. وإذا كان هناك شيء يتعلق بالقضايا الخاصة بالنساء، فكن يعهدن به إلى السيدة عائشة؛ وهناك مواضيع مماثلة في هذه المصادر للحديث الصحيح مثل البخاري ومسلم.

إن المرأة وفقًا لديننا ليست مُلزمة بأن تُرضع طفلها؛ فقد فسر ذلك علماء مثل مولانا، ويونس إيمره، بطريقة ممتازة، مثلما فعل الإمام أبو حنيفة، حينما قال إن النساء يمكن أن يكن حكامًا.

“وفيما يخص موضوع الصلاة، كانت النساء تصلي مع الرجال؛ ولكن كانت عادة ما تشكّل صفًا منفصلًا خلف الرجال. وعلى وجه الخصوص، كان الجميع يشارك في الأدعية أثناء كسوف الشمس أو خسوف القمر، أو طلب المطر (أما مسألة ما إذا كانوا يقيمون صلاة أم لا فهي قضية منفصلة، وهناك آراء متباينة بين الفقهاء)، وكانوا يؤدونها معًا. وفي رأيي، يمكن للنساء والرجال الجلوس معًا جنبًا إلى جنب على الأرائك، ويمكن لأحدهما الجلوس على أريكة والآخر على أريكة أخرى. وأنا شخصيًا لا أرى أي شيء خاطئ في هذا؛ فهم يركبون السيارات معًا، ويتجولون في مراكز التسوق، ويدرسون في نفس المدارس، ويمكن أن يكونوا معًا أثناء الذهاب من وإلى المدرسة، ويمكنهم الجلوس معًا عندما يجتمعون لموضوع هام” (صحيفة زمان، 24 مارس/آذار 2004).

تعدد الزوجات ليس فرضًا دينيًا

في جزء من مقابلة صحيفة يني يوزيل مع كولن بتاريخ 28 يوليو 1997، أجاب كولن باستفاضة على سؤال عن تعدد الزوجات؛ وقد جاء السؤال الذي أثار هذا الرد المطول كالآتي:

“هناك موضوع آخر أود أن أتحدث إليكم فيه، وهو تعدد الزوجات. تؤكد جموع الإسلام على أن الارتباط بأكثر من زوجة واحدة هو أمر منصوص عليه في القرآن الكريم، ولهذا السبب لا يمكن أن يكون هناك أي خلاف في رفض هذا الأمر. وهم يدّعون أنه أمر أخلاقي، أو يتمسكوا بذلك عند الدفاع عنه. وهم يدافعون عن تعدد الزوجات على أساس أن العلمانيين “الآخرين”، يكون لديهم علاقات مع أكثر من امرأة واحدة؛ وما أجده غريب هنا هو أنهم يستخدمون نفس المعايير باسم الإسلام الذي ينتقدون به الجزء العلماني من المجتمع. أليس لدينا إذًا قيم أخلاقية مشتركة؟”

“لا يوجد في أي موضع في القرآن الكريم أو في الحديث النبوي ما ينص على أن الرجل سوف يُكافأ بممارسة التقليد النبوي (السنة)، إذا أصبح إمامًا وتزوج أكثر من امرأة واحدة. ويمكننا القول فقط أنه يوجد إذن أو موافقة فقط في ظروف معينة على الزواج من أكثر من امرأة واحدة في سورة “النساء”، والزواج من امرأة واحدة فقط يفضل بدرجة كبيرة إلى الحد الذي يجعله وكأنه فرض؛ وبالتالي، لا يمكن لأحد أن يعتقد بأن الزواج من أربع نساء هو وفاء بالتزام ديني، أو الادعاء بأن ذلك وصية دينية”.

ليس هناك في الإسلام ما يُحد من حياة المرأة أو يضيق من مجالات نشاطها، والأمور التي تبدو سلبية بالنسبة لنا اليوم يجب تحليلها فيما يتعلق بظروف الوقت الذي جرت فيه.

“لقد كانت زواجات النبي ﷺ بمثابة محنة وابتلاء، وعبئًا عليه، وكانت أمرًا فريدًا من نوعه بالنسبة له؛ وبدأ النبي ﷺ  في الزواج بأكثر من زوجة واحدة بعد سن الخامسة والخمسين. أما بالنسبة للأشخاص الآخرين، فالقاعدة هي الزواج من امرأة واحدة؛ وإذا دعت الظروف للزواج من أكثر من واحدة، فإن الأساس هو مراعاة العدالة بين النساء. وقد أوضح ذلك المولى U في القرآن الكريم بأنه من الأفضل الزواج من امرأة واحدة خوفًا من عدم القدرة على مراعاة الإنصاف والعدالة الواجبة؛ ولذلك، فإن الزواج بأكثر من زوجة واحدة ليس مبدأ في الشريعة الإسلامية، وليس التزامًا دينيًا، ناهيك عن كونه من العبادات. ولا ينبغي لأحد أن يُلبس نقاط ضعفه في ثوب ديني ثم يقدمها كعمل جدير بالاهتمام، حيث إن ذلك يعتبر استغلالًا للدين؛ وقد اعتبر أولئك الذين يجيزون تعدد الزوجات في الإسلام أن ذلك بمثابة حكم خاص في ظل ظروف الضرورة المُلحّة، مثلما يحدث في حالة الحروب، عندما تترك الكثير من النساء دون حماية.”

العادات لا يمكن أن تُنسب إلى الإسلام

في مقابلة، نُشر جزء منها في صحيفة ميليت في 25 يناير 2005، طُلب من كولن التعليق على العبارة القائلة بأن “بعض الخبراء الاقتصاديين يربطون النمو بمشاركة النساء في الإنتاج”. وجاء رده على النحو التالي:

“إن مساهمة النساء في بعض مجالات الحياة ليس أمرًا محظورًا في الإسلام، شريطة مراعاة الظروف المادية وأن تكون ظروف عملهن مناسبة؛ وقد أسهمت النساء بالفعل في كل مجالات الحياة (على مر التاريخ). فعلى سبيل المثال، سُمح لهن بالمشاركة في المعارك؛ ولم يكن تعليمهن أمرًا مرغوبًا فيه وحسب، بل تم السعي أيضًا إلى تحقيقه بنشاط وتم تشجيعه. وكانت أمهات المؤمنين عائشة وحفصة وأم سلمه رضي الله عنها من بين الفقيهات وأهل الاجتهاد (أعلى مرتبة دراسية وتعلم) من الصحابة؛ وعلاوة على ذلك، فإن النساء من بين أهل بيت النبي ﷺ، كُن مصدرًا للمعلومات ليس فقط لغيرهن من النساء ولكن أيضًا للرجال الذين يتفقهون في الدين.

“وقد كان كثير من التابعين يستشيرون ويتعلمون من زوجات النبيﷺ؛ ولم يقتصر هذا الوضع على زوجات النبي ﷺ فحسب. وفي الفترات التي تلت ذلك، كانت النساء المؤهلات تعملن كمعلمات لكثير من الناس؛ وليس هناك في الإسلام ما يُحد من حياة المرأة أو يضيق من مجالات نشاطها، والأمور التي تبدو سلبية بالنسبة لنا اليوم يجب تحليلها فيما يتعلق بظروف الوقت الذي جرت فيه، وسياسة الدول المعنية التي وقعت فيها.”

وأضاف بقوله:”وما يهم حقًا، هو مراعاة القدرات البدنية للمرأة وظروف العمل؛ فعلى سبيل المثال، هل ينبغي توظيف المرأة في الأعمال الشاقة مثل مناجم الفحم؟ وهل ينبغي إجبارها على أداء الخدمة العسكرية كالرجال؟ هل ينبغي أن تخضع للتدريب العسكري الشاق؟ فإذا اعتبرت هذه الأمور ضرورية وممكنة، فلا اعتقد أنه سيكون هناك من يرفض ذلك”.

لا يمكن لأحد الاعتقاد بأن الزواج من أربع نساء هو وفاء بالتزام ديني، أو الادعاء بأن ذلك وصية دينية.

وهناك الكثير من العادات والطقوس التي لا تزال تشكل جزءًا من المجتمعات في شتى أنحاء العالم، والتي ليست خاطئة فحسب، وإنما أيضًا ضد حقوق الإنسان؛ ومع ذلك، وبما أن الثقافة والدين يرتبطان مع بعضهما البعض بمرور الوقت، فلا يمكن لأتباع عقيدة معينة أو المراقبين من الخارج أن يعلموا المواضع التي ينفصل فيها الدين والثقافة عن بعضهما. فالأديان، وخاصة الإسلام، قد تعرضت بشكل غير منصف للانتقاد واللوم بشأن كثير من هذه العادات التي لا علاقة لها في الواقع بالدين، ولم يقرها في الأساس؛ ومن الأمثلة على ذلك مسألة ختان الإناث، وكذلك عدم السماح للفتيات بالذهاب إلى المدرسة هو مثال آخر على ذلك. وإذا تذكرنا حقيقة أن عبدة الأوثان في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام كانوا يدفنون بناتهم من قبيل العار، فكان الإسلام بمثابة تطور هائل لحقوق المرأة؛ والإسلام لا يميز بين النساء والرجال، ويطالب جميع المؤمنين، رجالًا ونساءً على حد سواء، بالبحث عن المعرفة واستكشاف أسرار الكون.

يمكن للمرأة أن تعمل كرئيس دولة

يتطرق كولن إلى نفس القضية في إجابته عن السؤال الذي طرحه عليه الصحفي رينر هيرمان من صحيفة فرانكفورتر ألجيمين زيتونج، “كيف تنظرون إلى دور المرأة؟ ماذا ينبغي أن يكون وضعها في المجتمع وفي حركتك؟”

“يمكن للمرأة أن تضطلع بأدوار مختلفة، بما في ذلك أن تكون قاضية ورئيسة دولة، شريطة ألا يتعارض ذلك مع طبيعتها، وشريطة أن يتفق ذلك مع الحساسيات الدينية؛ ولا يقتصر دور المرأة على الانشغال بالشؤون المنزلية وتربية الأطفال. واليوم، فإن الإسلام والمرأة على وجه الخصوص هما من بين أكثر القضايا التي يتم عرضها بشكل سلبي في العالم الغربي؛ والسبب في ذلك هو العديد من الممارسات المناهضة للإسلام التي قام بها المسلمون للأسف”.

“ويجب الأخذ في الاعتبار بالظروف السائدة في الفترة التي حدثت فيها بعض الأشياء التي تبدوا سلبية، وأن يتم تقييمها وفقًا لذلك، ولا سيما ممارسات الدول والحكومات؛ وعلاوة على ذلك، فإن حقيقة أن العادات والتقاليد في بعض المناطق والمجتمعات قد استمرت بعد قبول الناس للإسلام يجب أن تؤخذ في الاعتبار أيضًا. وسيكون من الخطأ تحميل الإسلام المسؤولية عن هذه الأمور، وأن الحد من دور المرأة في المجتمع وتضييق نطاق نشاطها ليس من الإسلام.”

“وللأسف، يتجاهل المسلمون هذه الحقيقة؛ وقد أفضى مثل هذا النهج الأخرق والفهم الفظ إلى تشويش هذا النظام الذي يقوم على الدعم المتبادل بين الرجال والنساء، وتقاسُم حياتهما مع بعضهما البعض. ومع انهيار هذا النظام، تمزقت الأسرة وكذلك النظام الاجتماعي” (رينر هيرمان لصحيفة فرانكفورتر ألجيمين زيتونج، 6 ديسمبر 2012).

هذا وقد قام الصحفي براين نولتون من صحيفة نيويورك تايمز بتوجيه سؤال مشابه إلى كولن عام 2010، “ما هي المكانة المناسبة للمرأة في المجتمع بالنسبة لك، وما نوع الأدوار التي تضطلع بها ضمن الحركة المرتبطة باسمك؟”

فأجاب كولن: “ليس هناك أي شيء في الإسلام يضع حدودًا على حياة المرأة، أو يقيد من مجال عملها، ولا يقتصر دور المرأة في الحياة على تأدية الأعمال المنزلية وتربية أطفالها.”

يقع على عاتق المرأة مسؤولية القيام بكافة المهام المناسبة لها في كل مجال من مجالات المجتمع، شريطة أن يتوافق ذلك مع الحساسيات الدينية، ولا يتناقض مع فطرتها الطبيعية.

“وفي واقع الأمر، يقع على عاتق المرأة مسؤولية القيام بكافة المهام المناسبة لها في كل مجال من مجالات المجتمع، شريطة أن يتوافق ذلك مع الحساسيات الدينية، ولا يتناقض مع فطرتها الطبيعية. ومع ذلك، ومن المؤسف، فمع مرور الوقت تم تجاهل هذا الواقع، حتى بين المسلمين أنفسهم؛ وبدلًا من ذلك، فقد أدت الطريقة الناقصة في الفهم وغير المتعقلة في التفكير إلى تدمير النظام الطبيعي الذي يقوم على مفاهيم الرجل والمرأة كل منهما في عون الآخر ويتقاسمان أعباء الحياة معًا. ونتيجة لذلك، فقد فسد نظام الأسرة، فضلًا عن نظام المجتمع. إن نزعة الأمم/المجتمعات المختلفة إلى النظر في تقاليدها وسماتها الثقافية وتصورها كمبادئ أساسية للإسلام وتفسيراتها للإسلام على أساس ثقافاتها الخاصة، أدى إلى مزيد من الانتهاك لحقوق المرأة، وفي بعض الحالات إلى العزلة الكاملة للمرأة عن المجتمع.

“إن هذه الممارسات، [الكثير منها] الراسخة في المجتمع، تتغير بصورة تدريجية؛ وآمل أن يُحرز تقدم كبير في هذا المضمار على كل من المدى القصير والطويل على حد سواء. ويضطلع [النساء] أيضًا بوظائف هامة في خدمة البشرية؛ وتقوم النساء أيضًا، تمامًا مثل الرجال، باستغلال كل فرصة يمكنهن اغتنامها، ويضربن أروع الأمثلة للآخرين من خلال موقفهن وسلوكهن. وعندما تقتضي الضرورة، فإنهن ينطلقن أيضًا إلى شتى أرجاء العالم ليصبحن معلمات وقدوات يُحتذى بهن”.

تخشى المرأة العلمانية الإسلام أكثر من غيرها

وجهت مراسلة صحيفة “لوموند” نيكول بوب التعليق التالي إلى كولن في 28 أبريل/نيسان 1998: “يبدو اليوم أن أولئك الذين يخشون الإسلام أكثر هم النساء من بين العلمانيين”.

وتوضح إجابة كولن كيف أن العادات والتقاليد التي تستبعد النساء من المجتمع قد أصبحت تُنسب تدريجيًا إلى الإسلام:

“في وقت ما، سعيت جاهدًا إلى أن أشرح باستفاضة مسألة المرأة في خُطبي؛ فالإسلام ليس لديه مشكلة تتعلق بالمرأة. وإذا كان يبدو أن هناك اليوم أحد المشكلات، فقد ظهرت في أوقات لاحقة بسبب أولئك الذين تشددوا في الإسلام وضيقوا إمكانيات اعتناقه، وأولئك الذين أوجدوا الاستحالة ضمن الإمكانية، وأباحوا بذلك مجالًا ضيقًا فيه للنساء. وخلال عصر السعادة، أي أوقات النبي ﷺ  والخلفاء الراشدين الذين تبعوه، كانت النساء مشاركة في شؤون الحياة، ولم تكن هناك مشكلة على الإطلاق.”

في عام 2005، سُئل كولن عن نوع الوظائف التي يمكن أن تقوم بها النساء اليوم فيما يسمى “المجال العام” هل يمكن أن يصبحن، على سبيل المثال، قاضيات أو ممثلات للادعاء أو جنود؟ وقد أجاب كولن على هذه الأسئلة:

“يمكن للمرأة أن تضطلع بأي دور، ويمكن للمرأة أن تكون أي شيء، جندي أو طبيب؛ والشيء الأهم هو التأكد من أنها يمكن أن تفي بمتطلبات عقيدتها.”

هناك بعض النساء اللاتي يستطعن الوفاء بمتطلبات عقيدتهن أثناء عملهن في الخدمة العامة، في حين قد تفشل الأخريات وهن في المنزل الالتزام بمبادئ الإيمان الكامل.

“قد يكون هناك بعض النساء اللاتي يستطعن الوفاء بمتطلبات عقيدتهن أثناء عملهن في الخدمة العامة، في حين قد تفشل الأخريات في المنزل في الالتزام بمبادئ الإيمان الكامل” (صحيفة ميليت، 25 يناير 2005).

يقدم كولن الرد التالي على السؤال الذي طرحه عليه جيمي طراباي لصحيفة الأطلسي في أغسطس عام 2013: “هل يقتصر دور المرأة على الأمومة وفقًا لتعاليم الإسلام؟”

“لا، ليس كذلك. فإذا وضعنا الموقف النبيل للأمومة جانبًا، فإن رأينا العام بشأن المرأة هو أنه، مع مراعاة احتياجاتها الخاصة، ينبغي تمكينها من الاضطلاع بكافة الأدوار، بما في ذلك وظائف الطبيب، والضابط العسكري، والقاضي ورئيس الدولة. وفي الواقع، فإن المرأة المسلمة قد أسهمت في شتى جوانب الحياة عبر التاريخ من أجل مجتمعاتها.

“وفي العصر الذهبي للإسلام (إشارة إلى وقت حياة النبي محمد ﷺ)، بدءًا من عائشة وحفصة وأم سلمه (زوجات النبي ﷺ )، كان للنساء مكانتهن بين الفقهاء وقاموا بتعليم الرجال؛ وعندما تؤخذ هذه الأمثلة في الاعتبار، سيكون من المفهوم بوضوح أنه من غير المناسب تقييد حياة المرأة بتضييق نطاق أنشطتها. ومن المؤسف، أن عزل المرأة عن الأنشطة الاجتماعية في بعض الأماكن اليوم، وهي ممارسة نابعة من سوء تفسير المصادر الإسلامية، كانت موضوعًا لحملة دعائية عالمية ضد الإسلام.”

القرآن الكريم يدعو الأزواج إلى احترام بعضهم البعض

دعونا ننتقل مرة أخرى إلى المقابلة التي أجراها البروفسور زكي ساريتوبراك والكاتب الصحفي على أونال لصحيفة العالم الإسلامي؛ حيث سأل ساريتوبراك وأونال قائلين: “العلاقة بين الرجال والنساء في الإسلام هي واحدة من الموضوعات المثيرة للجدل التي تُناقش حاليًا في العصر الحديث. ما هي أفكارك الخاصة عن مكانة المرأة في المجتمع؟”

لقد أجاب كولن باستفاضة حول هذه المسألة؛ حيث كانت أحد أهم القضايا التي لفت الانتباه إليها هي أنه لا يوجد فارق بين النساء والرجال في أمور مثل حرية العقيدة والفكر، والحق في الحياة، والملكية، وإدارة الممتلكات والأموال، والحق في المعاملة بالمساواة والعدالة أمام القانون، والحق في الزواج وبناء الأسرة، والحق في الخصوصية وحرمة الحياة الخاصة. وتعتبر ممتلكات المرأة، وحياتها، وكرامتها محمية ومكفولة مثل الرجال تمامًا؛ ويؤدي انتهاك أي من هذه الحقوق إلى التعرض لعقاب شديد. وتتمتع المرأة بالحرية والاستقلال أمام القانون. والآن دعونا ننتقل إلى رد كولن:

يحث القرآن الكريم الناس على تكوين حياة أسرية، ويشير إلى العديد من الحكم والفوائد للزواج؛ ويرى القرآن الكريم أن الزواج بمثابة التزام جديّ من جانب الزوج والزوجة، بل هو بالأحرى ميثاق وعهد بينهما.

“يحث القرآن الكريم الناس على تكوين حياة أسرية، ويشير إلى العديد من الحكم والفوائد للزواج؛ ويرى القرآن الكريم أن الزواج بمثابة التزام جديّ من جانب الزوج والزوجة، بل هو بالأحرى ميثاق وعهد بينهما. ويتحدث عن حقوق الزوج والزوجة؛ وبالإضافة إلى ذلك، فإن القرآن العظيم يؤكد من حيث المبدأ على ما هو خيّر، ويقر في أكثر من موضع أن الأزواج يجب أن يفعلوا ما هو خيّر ومحبب تجاه بعضهم البعض.”

“ومن أجل تعزيز أواصر الزواج، وضع القرآن الكريم المزيد من المسؤولية على عاتق الزوج؛ كما أنه فرض جزءًا من المسؤولية على المجتمع في حالة وجود خلاف بين الزوجين. ويرى أن الطلاق، الذي يبغضه الله سبحانه وتعالى، هو بمثابة الملاذ الأخير عندما تتعذر المصالحة بينهما.”

“وبالإضافة إلى تذكير الأزواج بواجباتهم تجاه بعضهم البعض، فقد أكد القرآن العظيم على المبادئ الأساسية للأخلاق الإنسانية، ويدعو الأفراد إلى احترام ومراعاة حدود الله وأن يتحلوا بالفضيلة والإخلاص تجاه بعضهم البعض. ويعد هذا الجو من الاحترام ضروريًا لاستمرار العلاقات الإنسانية والشرعية؛ ويتعامل الإسلام مع النساء والرجال على قدم المساواة ويرفع من شأن المرأة إلى مكانة عظيمة.

“وبعد ظهور الإسلام، لم يعد يتم التعامل معها على أنها من الممتلكات، ولم تعد تتهم بعدم الطهارة؛ وهذا الاتهام سيؤدي إلى عقاب شديد ضد الُمتهِم. ولم يعد يُنظر إلى الأطفال الإناث بازدراء، كما حظر أيضًا قتل الأطفال.

“وحتى لو كانت المرأة مختلفة من الناحية الجسدية، فإن هذا ليس سببًا للنظر إليها بازدراء؛ ومن منطلق النظرة القرآنية للخلق، خُلق آدم عليه السلام أولًا ثم خُلقت حواء من نفسه، قال تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا”(الأعراف:189)، وتُذكرنا هذه الصورة القرآنية كما يعرضها القرآن الكريم، بأن الرجال والنساء على حد سواء من البشر، وهما كيانان يكمل كل منهما الآخر؛ ويستند الفارق بين كليهما إلى أغراض وتصاميم معينة، وليس من الناحية الوجودية.”

“وفيما يتعلق بالبشرية والعلاقات الإنسانية مع الله، فلا يوجد فارق بين النساء والرجال، فهم متساوون فيما يتعلق بحقوقهم ومسؤولياتهم؛ فالمرأة متساوية مع الرجل في حقوق حرية الدين، وحرية التعبير، وحرية عيش حياة كريمة، والحرية أو الاستقلال المالي. فالمساواة أمام القانون، والمعاملة العادلة، والزواج، وتأسيس الحياة الأسرية، والحياة الشخصية والخصوصية، والحماية، كلها من حقوق المرأة”.

أوضح كولن بأشد العبارات الممكنة أن العنف ليس له مكان ولا يقره الإسلام؛ وأضاف أن النساء اللواتي يتعرضن لسوء المعاملة لهن كامل الحق في الدفاع عن أنفسهن.

“وتعد ممتلكاتها وحياتها وكرامتها مكفولة تمامًا مثل الرجل؛ نعم، المرأة حرة ومستقلة أمام القانون. ولا تقلل أنوثتها من أهليتها أو تبطلها؛ وعندما يُنتهك أي حق من حقوقها، مثل الرجل، يمكنها تقديم التظلمات والدعاوى. وإذا تعدى أي شخص على ممتلكاتها من غير وجه حق، فلديها كافة حقوق الاسترداد. وبالنظر إلى بعض صفات المرأة والرجل، فقد فرض الإسلام بعض الأمور القانونية: فعلى سبيل المثال، تُعفى المرأة من بعض المهام مثل الخدمة العسكرية، والمشاركة في الحرب، ورعاية الالتزامات المالية للأسرة ونفسها، وما إلى ذلك.

“أما بالنسبة للشهادة، نعم، يقول الله تعالى في القرآن الكريم: “وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى”(البقرة:282).

ومن غير المقبول أن نستنتج أي معنى من هذه الآية للإشارة إلى تفوق الرجل على المرأة من الناحية الإنسانية ومن حيث القيمة”.

“إن القضية الأساسية هنا هي تحقيق العدالة؛ وهذه ليست مسألة فريدة بالنسبة للمرأة. وقد رُفضت شهادات بعض البدو من الذكور عندما تعلق الأمر بالحقوق وتطبيق العدالة، وتتعلق مسألة الشهادة بالالتزام القوي بالحياة المجتمعية. ومن الأفضل بكثير بالنسبة لأولئك الذين يُتوقع منهم أن يشهدوا في قضية معينة، أن يكونوا على صلة بهذه القضية في حياتهم.”

“وترتبط قضية الشهادة في القرآن الكريم بالشهادة الشفوية فيما يتعلق بالمسائل المالية والقروض؛ وإلا، فإن شهادة المرأة خطيًا، حسب الاقتضاء، مقبولة على قدم المساواة مع الرجل من قبل بعض علماء الشريعة الإسلامية” (صحيفة العالم الإسلامي، عدد يوليو 2005).

هذا ويشكل العنف المنزلي مشكلة خطيرة أخرى تهدد سلامة الأفراد وخاصة النساء؛ ويرفض كولن رفضًا قاطعًا أي نهج يشرّع أو يجيز العنف ضد المرأة. وهي مشكلة عالمية، بما في ذلك في العديد من البلدان الإسلامية، وكذلك تركيا. وقد أوضح كولن بأشد العبارات الممكنة أن هذا العنف ليس له مكان ولا يقره الإسلام؛ وقال كولن إن النساء اللواتي يتعرضن لسوء المعاملة لهن كامل الحق في الدفاع عن أنفسهن، بل إنه أشار إلى أن المرأة يجب أن تقاوم باستخدام قوتها الجسدية عندما لا يكون لديها إمكانية الوصول إلى إنفاذ القانون، وليس لديها خيار آخر في لحظة العنف، وربما تعلُّم فنون الدفاع عن النفس لتكون قادرة على القيام بذلك.