لطالما وقفت على عتبات مقالات الأستاذ”كولن”في كتابه (الغرباء) متأملًا أفكاره وألفاظه, فوجدت نمطها مغايرًا, ونسقها متباينًا عن سائر الأفكار التقليدية, فنصوصه تشطح بقارئها شطحاٍت صوفية تجنح به إلى ما وراء الطبيعة.
عندما تغزو “عالم كولن الأدبي”(إن صح التعبير)تجد لغته غريبة, فتارًة تشعر بنثريتها وتارًة أخرى تنفعل بشعريتها..!! لغٌة أضحى الولوج فيها أمرًا غير هيّنٍ, فمن فرط إعجابك بكلماته تعاود قراءتها أكثر من مرة لكي تحظى باستنباط معانٍ مسكوٍت عنها.
طوبى لمن احترق من أجل إنارة درب السائرين.. طوبى لمن أنفق كل ما يملك في سبيل إحياء روح الدين ومعانيه الصحيحة..طوبى لمن أنفق عمره في حب العلم والعلماء.
ترسخ في عقيدة “كولن”أن أمتنا الإسلامية تعرضت لطعنات الغدر والخيانة على يد أعدائها أحيانا, وعلى يد خصومها المتنكرين بزي الأصدقاء أحيانا أخرى, ولا سبيل لإنقاذ هذه الأمة وإنتشالها من هذه الهوة السحيقة التي سقطت فيها إلا بالاستعانة بأناٍس وصفهم “كولن” بـ(الغرباء).. والغربة التي يقصدها ليست غربًة عن الوطن أو الأهل أو الأصحاب, بل الغرباء من اغتربوا وهم في مجتمعهم حالًا ومنهجًا وسلوكًا, لأنهم يحملون أحلامًا ساميًة وغايات أخروية, وهم في حالة صداٍم دائٍم مع أبناء مجتمعهم يتعرضون للإقصاء و التجاهل والنبذ بل والإيذاء والبطش أيضا لدرجة أن يلقى بهم في غيابات السجون وتقام لهم المشانق, ورغم سخونة هذه الأجواء ومواجهتهم لخطر الموت يقينٍا تجدهم يتصدون للكوارث بفدائية, ورغم الألم والأنين تجد أرواحهم تفيض بشرًا وسرورًا على من حولهم, بل يضحون في سبيل هذا بملذاتهم الذاتية من أجل أمتهم, لا تعنيهم المناصب والشهرة, بل يعنيهم الصدق والأمانة والشعور بالمسؤولية والعفة والاستغناء, ويحاسبون أنفسهم حسابًا عسيًرا في حالة وقوعهم في شراك الخطأ, أما إذا أخطأ الآخرون يعفون ويسامحون بل و يستخدمون حق العفو الممنوح لهم من الخالق عزوجل, فهم حماة قضية الأمة لا الثروة, وحراس المبدأ لا المال, يعلون الحقيقة فوق المنفعة, ويؤثرون التواضع على التعالي والتباهي الأجوف, يرجحون الرفق والحلم على الشدة والغلظة, طاقاتهم مسخرة لمعرفة سر الانبعاث والوجود والبقاء, لتأسيس روابط من الحب والعاطفة يفيدون بها المجتمع, أخلاقهم تنبع من الفضيلة كأنهم الملائكة!, فمن فرط بلوغ عقولهم حد الصفاء شبههم الأستاذ كأنهم ظلال لأنوار الأنبياء أقدامهم مرت على المواقع التي سبقهم إليها الأنبياء من قبل.
أين تجد الغرباء؟
ينتشر الغرباء على حد قوله على أبواب المجتمع كل يوٍم حاملين أفكارًا مباركةً ورؤىً ساميةً يمنحون بها المجتمع الذى أضحى ميتًا روحًا من جديد, يطرقون الأبواب دون كللٍ ومللٍ, المكابدة والمعاناة ديدنهم لأنهم يتعرضون للتتضيق والطرد, لكنهم لا يهنون ولا يسأمون, لا يقطعوا رحمًا بينهم, يترقبون بشارة السماء التي ازداد شوقهم إليها, ومن أدرك مرادهم وشاركهم حالهم اكتشف سر الخلود وسعد بالوجود الأبدي, ومن نأى عنهم شقى بالموت أبد الآبدين.
تجديد الذات
يرى الأستاذ كولن أن تجديد الذات هو الشرط الأول لمن أراد البقاء ومن عجز عن تجديد ذاته وقت الحاجة محكومٌ عليه بالزوال والفناء, لكنه يحذر من الخلط بين تجديد الذات والهيام والشغف بالحداثة والتعلق بها, لأن التجديد الثاني ليس إلا محاولة لوضع رؤوسنا في الرمال وإخفاء عيوبنا, أما التجديد الأول فهو البحث عن الخلود بإنتاج مزيج يجمع بين القيم الموروثة وبين عصارة التجارب الفكرية الراهنة.
فارس القلب: لا يسقط في اليأس أبدًا مهما ضاقت به الأحوال, ولا يهتز أبدًا ولو وقف ضده الناس أجمعون, بل ينهض بعزمٍ أمام كل الصعاب لأنه يدرك أن هذه الدنيا ليست بدار شكوى.
تجديد الذات: هو انبعاثٌ روحي مع الحفاظ على قيمنا الأصيلة ومقدساتنا, فالنخب المثقفة التي انبهرت بالتقدم والتطور التكنولوجي في الغرب بدلًا من أن يهبّوا لتجديد الذات وفقًا لمستجدات العصر ومتغيراته, وقعوا في خطأ تاريخي فادح وهو التخلي عن كافة قيمنا الأصيلة النابعة من ذاتنا, وفضائلنا التي تمثل جوهرنا, واندفعوا لتقليد أعمى للغرب ونظم تفكيره, فنتج عن ذلك كائنٌ مشوه, فلا هم صاروا غربيين ولاهم عادوا إلى عالمهم الذاتي الأصيل بقيمه, وروحانياته, ومعانيه الوجدانية, فكيف لأمة تفاعلت وتمازجت مع المعنى, وتوحدت مع القيم الوجدانية عبر قرون أن تقبل حضارة لم تقم في أساسها على السمو الروحي والمبادئ الإنسانية؟!
حلول عاجلة
علينا أن نعي جيدًا ماذا نبتغي وماذا نريد؟وذلك في إطار دائرة الأخذ بالأسباب والالتزام بها, فيجب رعاية السنن الاجتماعية والاقتصادية الضرورية في تقدم الأمم وارتقائها, ويجب أن نستثمر مواهب الأمة وقدراتها, ونعيد بناء جدار الأخلاق المهدوم, ونتخلى عن استنساخ ما تخيلناه أحكامًا عند الغرب لا تتغير, ومسلمات بديهية يستحيل وقوعها في الخطأ, وهذا ما وصفه”كولن”بأنه انحراف خطير يصيبنا أثناء البحث عن الصواب, بينما كان الواجب علينا أن نحافظ على قيمنا الدينية ومبادئنا الوطنية وفضائلنا الأخلاقية ومقوماتنا الثقافية التي كانت موحدة مع كيان الأمة كالروح في الجسد.
يسهب الأستاذ في استكمال الحلول بتساؤلات استنكارية!! تحمل في طياتها حلولًا فيقول: إن كنا نزعم أننا حريصون على مستقبل أمتنا فهل يمكننا أن ندعي أننا سعينا إلى تنظيم الوقت تنظيماً جادًا يرقى إلى مستوى الأمم المتقدمة أو إلى تقسيم الوظائف وتوزيع الأدوار بصورة مثالية؟! وهل يمكننا أن نقول بأننا استطعنا أن نبث الأمن وننشر الثقة داخل أفراد الأمة وفقًا لمعاييرنا الذاتية ؟!وهل يمكننا أن ندعي أننا استطعنا أن نصون و نحفظ قيمنا الدينية والوطنية التي تعتبر كل واحدة جوهرة فريدة لا مثيل لها ؟! ورغم هذه التساؤلات السلبية المعاتبة, إلا أنه يرى إنساننا لا يزال حيًّا بكل أجزائه واعيًا بذاته وبمن يكون, وأن أمتنا مالم تعصف بها رياح معاكسة ستعود لموقعها المتميز في الموازنات الدولية مرة أخرى ولن تستطيع أي قوة منع ذلك بعون الله.
على الإنسان أن يعيد اكتشاف”مساره الإنساني الذاتي”وإلا سيجرفه التيار في متاهات تتلاقفه فيها أيديولوجيات مختلفة كالشيوعية والماركسية أو الفكر الملحد, وسيبقى هكذا نمطيًا وبلا هوية.
فلو استطاع أصحاب المشروعات الكبرى تقديم العقل على العاطفة, والتجربة والملاحظة على السلوك الحماسي وأن يحيطوا مشاريعهم بأنوار الرسالة الربانية..إذا نجحوا في ذلك فسوف تنضم الحشود المندفعة بالعاطفة تحت راية أصحاب العقل والانضباط والاستقامة, وينصهر الجميع في بوتقة “الوعي المجتمعي”ليخرج أبناء مثاليين لمجتمع مثالي.
المجتمع المثالى و الإنسان المثالى
يبحث الأستاذ عن المدينة الفاضلة, التي يسكنها الحواريون الجدد(إن صح التعبير) المجتمع المثالي الذي يتكون من أفراد مثاليين, والإنسان المثالي أو الإنسان الكامل هو المتحلي بصفات ملائكية, والذي يواصل التنقيب عن الحقيقة بذهن صافٍ ليبحث عن أجوبة للأسئلة الكونية: ما الحياة, وما الموت, وما حقيقة الكون, وما علاقته بالإنسان, وما معنى العبودية لله, وماذا تعني الطاعة لله وما الإثم, وما الثواب وماذا عن حقيقة المحن التي تلم بالإنسان ولماذا تلم به؟
الإنسان المثالي يتمتع بهدوءٍ وثقةٍ لا حد لهما, وطمأنينة لا غاية بعدها لأنه يمتلك إيمانًا بقدرة الله المطلقة, وبأن حكمه نافذٌ, كذلك يؤمن بالدار الآخرة من كل قلبه, وسيبذل قصارى جهده لاجتناب كل معصية حتى لا يسقط صريعًا في غيابات الإباحية.
يفرق الأستاذ بين “إنسان الجسد” الذي يجري وراء ملذاته الجسدية وبين “إنسان الغاية” والذي يصفه بأنه بطلٌ للروح والمعنى, نذر نفسه لخدمة الإنسانية بمعرفته وعلمه لكي يزيل الظلم من كل أنحاء الأرض لو استدعى الأمر, لا يد له على من ضربه, ولا لسان له على من شتمه, يبسط جناح عفوه على الجميع, يقدم مثلًا أعلى في المنهج والسلوك ويعلّمهم أدب درء السيئة بالحسنة, وسلوكياته تلك ليست ضعفًا فهو إذا لزم الأمر الصوّال الجوّال في ميادين القتال ببسالة مشهودة.
رؤية الغرباء الميتافيزيقية
يرى الأستاذ كولن أن الإنسان يشغل فكره لهو الحياة من بيع وشراء ورغبات مادية وجسدية, ويلجأ لكل أنواع الحيل والمغامرات لإشباع شهواته, لذا عليه أن يعيد اكتشاف”مساره الإنساني الذاتي”وإلا سيجرفه التيار في متاهات تتلاقفه فيها إيديولوجيات مختلفة كالشيوعية والماركسية أو الفكر الملحد, وسيبقى هكذا نمطيًا وبلا هوية, مستعبدًا ذليلًا تابعًا وليس قائدًا, وإن تخلّص من أزمة سياسية أو إدارية أربكته أزمة أخلاقية, وإن تخلص منها وجد نفسه في مواجهه أزمة اقتصادية خانقة, وإذا خرج منها حاصرته أزمات عسكرية..وهكذا يدور في حلقة مفرغة تستنزف طاقته وتبددها, وليس من سبيلٍ للخروج من هذه الحلقة المفرغة سوى أن نراجع مواقفنا من جديد حيال بعض الديناميات الدينية والوطنية والتاريخية كالإيمان والمحبة والأخلاق والرؤية الميتافيزيقية والعشق والتربية الروحية, فالإيمان أهم مصدر للفاعلية فهو يعني احتضان الروح, والمحبة هي العنصر الأساسي للفكر الإنساني الحق بل هي بعده الميتافيزيقي, أما الأخلاق فهي جوهر الدين وأساسه.
يحذر كولن من الخلط بين تجديد الذات والشغف بالحداثة, فالتجديد الثاني ليس إلا محاولة لإخفاء عيوبنا, أما التجديد الأول فهو البحث عن الخلود بإنتاج مزيج يجمع بين القيم الموروثة وبين عصارة التجارب الفكرية الراهنة.
الرؤية الميتافيزيقية: هو ما ينفتح فيها العقل والروح على الوجود بأكمله, ويسعى إلى فهمه واستيعابه بما ظهر أمام الستار وما توارى خلفه, فإذا ضل العقل أو الروح هذه الرؤية الاستيعابية للوجود تمزق كل شيء وأصبح الإنسان بلا روح, لذلك يرى أن إنكار وجود الفكر الميتافيزيقي إفلاسٌ للعقل, فكل تركيب حضاري كبير نما وترعرع في أحضان الفكر الميتافيزيقي.
فالميتافيزيقا: هي استشعار حقيقة الوجود ب”عشق” وبالتالي فالعشق هو الشعور بالكائنات كلها, والشعور بما يدور في الوجود من حراكٍ منتظمٍ متسلسلٍ ومتناغمٍ, والشعور بالحب إزاء كل ذلك جميعا, فالعشاق الحقيقيون لا يسعون إلى مالٍ أو جاهٍ, ولا يرغبون في شهرة أو منصب, بل همهم وصال المحب بالمحبوب, ولا شك أن بلوغ ذلك الأفق لا يتحقق إلا بتربية روحية حقيقية, تتحرر فيها الروح عن الجسد.
صفات الغرباء
وصف الأستاذ كولن الغرباء بأنهم أبطال هامتهم مرتفعة في عزة وإباء دومًا, لا يخشون أحدًا, كما لا يحنون رقابهم لأحد إلا الله, ولا ينتظرون جزاءً من أحد على مجهوداتهم, بل إذا انتقلوا من نصر إلى نصر تصيبهم “وساوس قهرية” خوفًا أن يكون هذا النصر ابتلاءً لهم من عند الله, وإذا ألمت بهم خسارة مفاجأة أو تعرضوا لمحنة يعرفون كيف يصبرون, وكيف يشحنون هممهم وإرادتهم, وعندما يصيبهم الفقر والعوز لا ييأسون, أخلاقهم أخلاق أنبياء يحاسبون أنفسهم على أتفه الأخطاء, ويتغافلون عن رؤية أخطاء الآخرين بل ويحتوهم.
هؤلاء يحبهم الله ويحبونه, ومن محبته تفيض قلوبهم بهذه المحبة على الآخرين, وبقدر احترامهم للآخرين فإنهم حريصون كذلك على كرامتهم وعزتهم, لا يسمحون أبدًا أن تفسر سماحتهم وحلمهم على أنه ضعف ومسكنة, دستورهم التواضع فلا يغريهم الثناء والمديح لأنهم عقدوا العزم على أن يكونوا مؤمنين حقًا.
موقف الغرباء من التعايش والتسامح مع الآخر
تحدث الأستاذ كولن بلسان الغرباء بعبارات راقية بقوله:
مجموعة من الغرباء نحن..!! حاولنا أن نستحضر هذا العمق وتلك السعة في قلوبنا منذ سنين وسنين, سعينا ألا نحكم على بعض الفئات بناء على غلظة أو خشونة في ظاهر تصرفاتهم التي بالتأكيد لها أسباب ومبررات شتى, ونظرنا إلى الرحابة الوجدانية الكامنة في أعماقهم, وسعينا إلى تقبلهم واستيعابهم بكل قلوبنا, أقبلنا على ديننا بعمق, وسلمنا بوجود أديان واتجاهات فلسفية أخرى, التزمنا بشعار وقّر الجميع منقبين عن سبل العيش معًا والتزمنا بهذه الرؤية وأخلصنا لها, ولم نحقر أحدًا لاختلاف دينه أو مذهبه أو عقيدته, أو حتى اتجاهه الفكري, ولم نجرح أحدًا, تعرضنا للإيذاء مرارًا وأهينت كرامتنا, وشوهت سمعتنا, لكن لم نرد, تغاضينا عن كل إهانة وسب وسخرية, بل اعتبرنا مبدأ المعاملة بالمثل ظلمًا فما ارتضيناه لأنفسنا قط, لم نفكر في التراجع عن احترام الكرامة الإنسانية الكامنة في أعماق هؤلاء مقابل ما لاقيناه منهم من حقد وكراهية وغلظة وخشونة, واعتبرنا ذلك نوبة طارئة مؤقتة, لكن المؤلم أن مجموعة قليلة قد ترسخ في عقيدتها العداوة والاعتداء والفوضى والافتراء, تستمد سلطتها وتأثيرها من انتهاجها مهنة التدمير وإثارة المشاكل, قد سدت الطرق وسعت إلى اشعال النيران في ثمار هذه الفترة المباركة بغية التخلص منها, وبدأوا يشوهون صورتنا ويوصمون الجميع بألقاب أيدولوجية مشبوهة.
ترسخ في عقيدة “كولن”أن أمتنا الإسلامية تعرضت لطعنات الغدر والخيانة على يد أعدائها أحيانا, وعلى يد خصومها المتنكرين بزي الأصدقاء أحيانا أخرى, ولا سبيل لإنقاذ هذه الأمة إلا بالاستعانة بأناٍس وصفهم بـ(الغرباء)..
وبالرغم من هذه المعاملة كان صمتنا وديعة أسلوبنا.. الرد بالمثل مبدأ ظالم في أدبياتنا.. ولا يد على من ضربنا.. ولا لسان على من شتمنا.
رمزية فارس القلب
أفرد الأستاذ في كتابه صورة رمزية لما سماه ب “فارس القلب” ووصفه بأنه رمزٌ لبطولة الروح والمعنى أفقًا وإيمانًا وسلوكًا, فهو مستعد للتضحية بكل شيء, والتخلي عن كل أمر, وترك كل كسب دنيوى بل وحتى أخروي, لبلوغ غاية رضا الله عزوجل.
فارس القلب: قضيته الأولى كيف يقضي عمره في فلك الإيمان الكامل, وكيف يزينه بالإخلاص في سبيل مرضاة الله عزوجل.
فارس القلب: لا يدخل في منافسة مع من يشاطرونه فكره وطريقه, ولا يشعر نحوهم بأي حسد بل يحاول ستر عيوبهم.
فارس القلب: دائم الارتباط بمنهجه في العمل وفق رؤيته واجتهاده لا يحيد عنه, لكنه مع ذلك يحترم أفكار الآخرين ومناهجهم, ومستعد للعيش المشترك معهم.
فارس القلب: لا يعتدي على أحد, ولا يقابل الاعتداء بمثله ولا يفقد اعتداله أبدًا.
فارس القلب: يمضي حياته في ظل القرآن والسنة, وفي إطار من شعور التقوى والإحسان, ينسب كل إنجاز نسب إليه إلى الله عز وجل ودومًا يردد مقولة (كلٌ من عند الله) وينسب كل شيء إلى صاحبه الحقيقي مؤثرًا كلمة” نحن” على كلمة “أنا”.
يفرق الأستاذ بين “إنسان الجسد” الذي يجري وراء ملذاته الجسدية وبين “إنسان الغاية” والذي يصفه بأنه بطلٌ للروح والمعنى, نذر نفسه لخدمة الإنسانية بمعرفته وعلمه.
فارس القلب: لا يحمل ضغينة نحو أحد, ولاسيما من ارتبطوا بالله تعالى وساروا في طريقه.
فارس القلب: يعلم وهو يقوم بكل فعالياته و حركاته بأن الدنيا ليست بدار مكافأة بل دار خدمة لذا يؤدي ما عليه من مسؤوليات وخدمات ضمن نظام دقيق جدًّا, لنيل رضا الله تعالى.
فارس القلب: لا يسقط في اليأس أبدًا مهما ضاقت به الأحوال, ولا يهتز أبدًا ولو وقف ضده الناس أجمعون, بل ينهض بعزمٍ أمام كل الصعاب لأنه يدرك أن هذه الدنيا ليست بدار شكوى بل دار تحمل وصبر.
ورغم الرمزية في حديثه إلا أنه يرى إمكانية وجود( فارس القلب), ويقول ما أحوجنا في أيامنا هذه التي يستهان فيها بالقيم الإنسانية وتتراجع فيها القيم الإيمانية إلى أمثال فرسان القلوب هؤلاء..!!
طوبى للغرباء
طوبى لمن احترق من أجل إنارة درب السائرين.. طوبى لمن أنفق كل ما يملك في سبيل إحياء روح الدين ومعانيه الصحيحة..طوبى لمن انفق عمره في حب العلم والعلماء..طوبى لمن ثبت ولم يهتز عند الكوارث بل سعى لإعمار العالم..طوبى لمن استن سلوك وأخلاق الأنبياء وغرس القيم و الفضيلة عند الأفراد من جديد..طوبى لمن رامت عينه دموعًا من نهر الإيمان والحب… طوبى لأناسٍ أعادوا الروح لجسد الأمة.