يُذكِّر فتح الله كُولَنْ دائمًا بضرورةِ أن يكتنفَ الإنسانَ شعورُ القلَقِ تجاه عاقبته؛ وأن يتساءلَ في سرّه هل سيُخْتَمُ لي بخاتِمَة الإيمان أم لا؟! وكما أن هذا التذكير يشملُ القلقَ من العاقبة بمعناه العام؛ فإنه يستهدف اتِّقاءَ المسلمين الرِّدَّةَ؛ ولهذا يقول، على سبيل المثال:
“لقد حدث مع أولي العزم من الرسل -وهم سادتنا: محمد وعيسى وموسى وإبراهيم ونوح عليه السلام أجمعين- أن ارتدّت طائفةٌ من قومِ كلٍّ منهم وإن كانت قد وقعت حالاتٌ من الردة حتى بين مَنْ عاشوا الجوّ والمناخ الذي عاشه الرسل في الماضي؛ فبدهيٌّ حصولُ نظائرها في هذا العصر الذي لم يُدرِكْ أو يتذوَّقْ أربابه لذَّةَ العيش في طمأنينة، ولم يصطبغ بالصبغة النبوّية؛ ولذا فعلى الجميع أن يقلق بشأن عاقبته”.
ويعرض فتح الله كُولَنْ النقاط الآتية كأدوات للوقاية من الرِّدَّة:
“القلق الدائم حيال الخاتمة، والحذر التام من اعتبارِ الإنسان نفسَه في مأمن.
شدّة الخوف من الله.
اتباعُ الشريعة الفطرية؛ أي مطابقة الدعاء الفعلي للدعاء القولي، والانشغالُ الدائمُ بالعبادة والطاعة، والبعدُ عن مَوَاطِن الذنوبِ والآثامِ وما نُهِيَ عنه.
مداومةُ مطالعةِ -وليس حفظُ- المؤلّفات المتعلِّقة بالإيمان، وتدارسُها.
التعاونُ مع الأصدقاء وملازمتُهم في حلقات العلم وتجنُّب الوحدة، والحرص الدائمُ على تذكُّرِ دساتير السلوك مثل: ﴿كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ (سورة التَّوْبِةِ: 9/119) و”فَإِنَّمَا يأكلُ الذئبُ من الغنمِ القاصيةَ” والعملِ بها.
تخصيصُ نصفِ اليوم على الأقلّ لخدمة الله تعالى إلى جانبِ الوظيفة والعمل الرسميّ.
والأمر الأهمُّ هو التزامُ بابِ الحقّ تعالى؛ فمن يَلْتَزِمْ البابَ مخلِصًا صادقًا يرجى من الله أن يغفر له ذنوبه، ومن ثَمَّ فإنه ينبغي للمنزعجينَ من ذنوبهم المتضرّرين منها أن يُهْرَعُوا إلى خدمة الدين؛ فهذا أعظمُ الاستغفار، وللخائفينَ ممّا حولهم البحثُ عن الأمان في الخدمة.
المصدر: علي أونال، فتح الله كولن ومقومات مشروعه الحضاري،دار النيل للطباعة والنشر، طـ1، 2015م، صـ202/ 203.