على الرغم من وجود العديد من التعريفات والآراء المختلفة في موضوع القيمة في أدب العلوم الاجتماعية، فإننا يمكن أن نعرِّف القيمة بأنها معيار وحكم دائم يستوعب به الفرد في النهاية التفاعل مع بيئته، ويوجِّه به أفعاله. القيم بالمعنى الاجتماعي هي المبادئ السلوكية التي عُمِّمت واتفق المجتمع على كونها الأفضل والأصدق والأكثر فائدة. أما بالمعنى الفردي فتعُبِّر عن الحقائق الأساسية التي ترشد إلى السلوكيات.
المؤسسات الدينية والجمعيات الشبابية والمدارس يقع على عاتقها مهمة نقل القيم التي تتبناها المجتمعات أو الجماعات للأجيال الجديدة. في هذا السياق، فإن إحدى الوظائف المهمة للمعلمين هو نقل القيمة الإنسانية الأساسية والمعايير الأخلاقية للأجيال القادمة.
أهم عوامل نجاح مدارس كولن
إذا كانت المدارس التابعة لحركة كولن تلقى قبولا كبيرًا، فهذا يرجع إلى أدائها الناجح أكاديميًّا، بالإضافة إلى تدريسها القيم للطلاب. كيف يتم تدريس القيم التي تعمل على التكامل بين العقل والقلب؟ على الرغم من عدم تطبيقها لبرنامج مختلف عن المدارس الأخرى في الدول الموجودة بها؟
أعتقد أن جواب هذا يكمن في ثقافة المدرسة. ويمكن أن يقال إن القيادة والسلوك النموذجي للمدرسين في الأنشطة داخل المدرسة وخارجه له دور مهم، وبتعبير آخر فإن المعلمين هم عامل النجاح الأهم في قيام المدارس بتدريس القيم التي تُحقِّق البعد المعنوي أو الروحي للتربية الشمولية. في الواقع، فإن المعلم في التربية والتعليم هو عنصر النجاح الحاسم من كافة الزوايا. ومن هنا، فإن أعظم الفروق التي تراعيها مدارس كولن هو اختيارها لمعلميها الذين يدرسون القيم لطلابهم بسلوكهم المنضبط وروحهم العميقة.
وبما أن تأثير المعلم على الفرد يفوق كثيرًا تأثير الأم والأب والمجتمع؛ فقد وجَّه الأستاذ كولن محبيه إلى ضرورة أن يكون المعلمون تربويين من أجل توقع نجاحهم في تدريس القيم لطلابهم، ومن توجيهاته في أهمية المعلم قوله: “المعلم هو بطل المحبة والتسامح الذي يعرف طلابه بجميع صفاتهم، ويحتضنهم دائمًا بمودة، ويشاركهم أفراحهم وأحزانهم، ويصفق لنجاحهم، ويغض الطرف عن جوانبهم السلبية. المعلم هو مربٍّ مثالي يوافق قوله فعله، ويظهر بحياته تمامًا الأشياء التي يتمنى وجودها لدى طلابه”.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: مستقبل الإصلاح في العالم الإسلامي خبرات مقارنة مع حركة فتح الله كولن التركية، دار النيل للطباعة والنشر، القاهرة، صـ366، 367، 368 بتصرف.
ملاحظة: عنوان المقال من تصرف محرر الموقع.