تمهيد

لقد أصبح مسار الأحداث السياسية الراهنة في تركيا مادة ثرية لدراسات حقوقية لا حصر لها؛ كشفت من خلالها انحراف تركيا الدائم نحو الاستبداد في كل مناحي بالممارسات السياسية، وطبقًا لوجهة النظر المشتركة التي تتبناها المنظمات الدولية ووسائل الإعلام، فإن تركيا لم تعد دولة ديمقراطية كما كانت في السابق، فانهيار حكم القانون، وتداعي الركائز الرئيسية للديمقراطية بات واضحًا للغاية في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016.

ويعد موقف النظام التركي الحاكم من الثقافة والفنون أحد الموضوعات التي لم تحظ بالاهتمام من المراقبين، لا سيما قبل أن تطفو الثقافة والفنون على السطح، وتصبح مصدرًا رئيسًا للنقاش الحاد، والحرب السياسية بسبب انتقاد الحكومة للمؤسسات الفنية ذات التوجه الغربي، فقد فتح هذا النقاش الباب واسعًا لتقييم موقفها من الثقافة بشكل عام في ظل الاستبداد المتزايد لهذه الحكومة.

ومن ثم فإن هذا التقرير يسلط الضوء على جانب آخر سيء السمعة لعملية التطهير والقمع التي أعقبت الانقلاب، فالحكومة التركية لم تشن حربًا ثقافية جديدة لإعادة تشكيل للنظام السياسي فقط، بل استمرت أيضًا في شن حملة ممنهجة كاملة للقضاء على بعض المؤسسات التي تنتمي إلى المجموعات اليسارية والعلمانية والكردية المعارضة لها، بالإضافة إلى وصم الحكومة لحركة “كولن” الدينية بالإرهاب، فبات أي شخص أو أي عمل له علاقة بحركة كولن هدفًا للاضطهاد السياسي، والمساءلة القانونية، كما أضحت الخدمة نفسها هدفًا رئيسًا لعمليات القمع الذي أعقب الانقلاب، يدل على ذلك الأعداد الهائلة للمحاكمات، والسجن الجماعي للأفراد؛ ولم يكن الجانب الثقافي بمعزل عن هذه الإبادة القمعية الشاملة، فقد بدأت الحكومة -على غرار ما حدث في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين- تتخلص من أعداد هائلة من الكتب والمنشورات والمطبوعات التي لها صلة بحركة “كولن” وعجَّت صناديق القمامة العامة، والغابات، والشوارع في الأحياء بجبال من الكتب التي أُلفت أو نُسبت إلى “فتح الله كولن”، العالِم الإسلامي الذي يقيم بالولايات المتحدة الأمريكية منذ التسعينات، والذي تلقي الحكومة التركية عليه باللوم في الانقلاب الفاشل في 2016. وبلغ القمع الثقافي حدًّا جعل حيازة كتاب من تأليف “كولن” أمر كاف لإيداع حائزه في السجن.

وعلى الرغم من أن هذا الأمر ربما يبدو سخيفًا، فقد أدرك الناس هذا الاحتمال. ليس المتعاطفون مع “كولن” فحسب، بل الأكاديميون والباحثون الذين كانوا يدرسون الحركة وزعيمها، لذلك تخلصوا على الفور من هذه الكتب. ففي إحدى الحوادث المعروفة، تم اعتقال مؤرخ في جامعة “تونجيلي” بعد أن عثرت الشرطة على كتاب لكولن في مكتبه الجامعي[1]. ورغم أن هذا الأكاديمي نفسه مناهض لكولن ومعلن لإلحاده، فقد وُجهت له اتهامات بالعضوية في حركة الخدمة، ومن المحتمل أن يعاقب بالسجن.

ورغم أن الهدف الرئيس كان “كولن” وحركته، إلا أنه لم تسلم أي مجموعة أو منظمة من حملة الحكومة على الإصدارات الثقافية والفكرية. حيث كانت جزءًا من سياسة أوسع لسحق أي شكل من أشكال النقد والتفكير الحر. ففي هذا الصدد، تأثرت جميع الأكاديميات والمدارس ودور النشر والمنافذ الإعلامية، تأثرًا عميقًا بعمليات القمع التي حدثت بعد الانقلاب.

تتحدث الأرقام الهائلة عن نفسها، فقد تم إغلاق أكثر من 160 منفذًا إعلاميًّا بينما تمت مصادرة أو إغلاق أكثر من 1150 في أعقاب انقلاب 2016. وتهدف هذه الدراسة إلى التركيز على استهداف الحكومة التركية الممنهج لمؤسسات الثقافة والكتب، ومن ثم سيتم عرض روايات مؤكدة لأشخاص قاموا بحرق كتبهم الغالية عليهم أو تمزيقها إلى أجزاء خشية اكتشافها بواسطة جيرانهم أو من قبل السلطات. إن الصدمة التي عانى منها الناس ما تزال قائمة حتى الآن، وستُذكر الحرب على الكتب التي يشنها النظام التركي الحاكم حاليًا باعتبارها فصلاً مظلمًا في التاريخ التركي المعاصر.

أولاً: إدراج الكتب في القوائم السوداء

في مغبة الأحداث الاجتماعية التي أعقبت الانقلاب، تحدث: (D.A) الذي اشترط عدم ذكر اسمه في هذا التقرير، عن كيفية تخلصه من كتبه، حيث كان يعمل أمين مكتبة بإحدى الجامعات في أثناء فترة الانقلاب، وقد كان لديه مجموعة ضخمة من الكتب في المنزل، وكان من عشاق قراءة الكتب في جميع المجالات، حيث درس الأدب في الكلية وجمع كميات هائلة من الكتب في الأدب الغربي والقومي، والتاريخ، وعلم الاجتماع، والدراسات الدينية. شغلت كتبه مساحة كبيرة في منزله، فقد كانت أكثر من 2000 كتاب. إن (D.A) الذي قرأ وشاهد فيلم (فهرنهايت451)، لم يكن يتخيل أنه في يوم من الأيام، سوف يضطر أن يتخلص من كتبه في تركيا، حيث كان على علم ودراية بعمليات حرق الكتب من قبل الأنظمة الاستبدادية في القرن العشرين، إلا أنه فوجئ بحجم القمع الذي أعقب انقلاب 2016.

كان (D.A) يحبس دموعه عندما بدأ يفرز كتبه ويصنفها من على أرفف مكتبته؛ لكي يتخلص من الكتب “المحظورة”، وكان أحد القُرّاء عن كولن وحركته، ورأى أنه من الخطر على مستقبله إبقاء كتب كولن في منزله.

لقد انتابت العامة نوبة معادية لكولن، وستتحول الهستيريا الاجتماعية -في أي لحظة- إلى عنف من قبل الحشود الشعبية التي تجمعت في الأحياء، وفي تلك الأجواء المرعبة، كان (D.A)، يسابق الزمن ليتخلص من كتب كولن في أسرع وقت ممكن، وبقدر كبير من الحذر المطلوب. لقد كانت لحظة فارقة في التاريخ الاجتماعي للبلاد، حيث كان يَلوح في الأفق تهديد بمجزرة عظيمة محتملة ضد بعض عناصر المجتمع، معظمهم من أنصار كولن، وسط دعوات من الرئيس بمعاقبتهم.

قام (D.A) بتمزيق الكتب إلى أجزاء، وجمع أغلفة الكتب، ووضعها في صندوق سيارته، حيث كان الظلام يخيم على الشارع الذي كان يعيش فيه، واختار منتصف الليل؛ ليتجنب الشك ولفت الانتباه من قبل الجيران الذين مازالوا يقظين ومنتبهين.

وكان (D.A) يذهب في كل مرة إلى حيٍّ مختلف تمامًا لكي يقوم بتفريغ صندوق السيارة، وفي إحدى الليالي، انضم إلى الحشود التي كانت تملأ الشوارع كجزء مما يسمى بمسيرات “حراسة الديمقراطية” التي نظمتها الحكومة لدعمها، وكان يخفي نفسه على أنه أحد داعمي الحكومة ويتخلص من بعض العبوات، كلما كان ذلك ممكنًا. استمرت المظاهرات الشعبية حوالي شهر قبل أن يقوم الرئيس بإلغائها، حيث رأى أنه لم يعد هناك حاجة لإبقاء الجماهير الموالية متأهبة في الشوارع. إنَّ تَذَكُّر تلك اللحظات، يجعل (D.A) يسترجع الألم والمعاناة التي تعرض لها سابقًا. فقصته ليست حالة فريدة، بل انتشرت قصص عديدة مماثلة عبر وسائل الإعلام التركية.

سمع (D.A) قصصًا من أجداده حول الصعوبات التي عانوا منها في أثناء الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين، عندما تعرضت المؤسسات والمنشورات الدينية لضغوط سياسية في العقود الأولى للجمهورية، حيث أدرجت بعض الكتب والمنشورات وأصحابها الذين أخفوها عن السلطات في القائمة السوداء. قام (D.A) بعمل مقارنة بين القمع في ذلك العصر وسياسات اليوم نحو الكتب، وعلق قائلاً: “إذا كانت السلطات نفسها تقوم بتدميرها، فلن أكون آسفًا”.

وأضاف متحسرًا: “ولكن، عندما فعلت كل ذلك بنفسي، حين تخلصت من الكتب وقطعتها إلى أجزاء، كان قلبي ينفطر حقًا”، وبعيدًا عن القصة السابقة، فهناك آلاف من الحالات الأخرى التي تثبت عمق سعي الحكومة لإدراج بعض الكتب في القائمة السوداء. وسوف يعرض هذا التقرير بيانًا مختصرًا لها من خلال بضعة أمثلة أخرى.

ثانيًا: اعتقال سيدة بسبب الكتب

اعتقلت الشرطة في أنطاليا سيدة بدعوى حرق كتب “كولن”، فبعد أن بدأت الشرطة في تعقب سيدة قام ضباط الشرطة بإلقاء القبض عليها، عندما كانت تحاول حرق بعض الكتب في مكان قريب من منزلها. كما اكتشفت الشرطة بعض الكتب التي تنتمي إلى حركة الخدمة واقتيدت السيدة إلى مركز للشرطة، وفتح المدعي العام في أنطاليا تحقيقًا للتحقيق فيما نسب إليها من اتهامات أبرزها نشر الإرهاب، والانتماء إلى منظمة إرهابية[2].

ثالثًا: الكتب أداة للجريمة في ولاية يوزجات

في ولاية يوزجات بوسط تركيا، عثرت قوات الشرطة العسكرية (قوات الدرك) على 560 كتابًا تنتمي لحركة “كولن” بالقرب من نافورة مياه[3]، حدث هذا عندما استدعى الفلاحون قوات الدرك، حيث أجرت قوات الدرك بالمشاركة مع ضباط الشرطة تحقيقًا في مسرح الجريمة، وعثرت على عدد من الكتب في بضعة صناديق، يُعتقد أنها تخص بعض الأشخاص الذين لهم صلة بحركة الخدمة، وهكذا صارت الكتب أداة للجريمة يستدل بها لزج أصحابها في السجن.

رابعًا: السلطات تعتقل المعلمين وتتحفظ على الكتب في “موجلا”

أما في محافظة “موجلا” الغربية، فقد استدعى سكان حي “أكوفا” في ولاية “مينتيس” قوات الدرك، بعد أن اكتشفوا دخانًا ولهبًا ينبعث من داخل مجموعة مدارس كانت تديرها منظمة غير حكومية لها علاقة بحركة الخدمة، حيث قبضت قوات الدرك على أربعة من مسئولي المدارس ومُعَلمين سابقين في أثناء إحراقهم بعض الوثائق في حديقة المدرسة، وكان من بين تلك المحروقات التي اكتشفتها الشرطة العسكرية كتب لـ”كولن”، وقد اعتقلت قوات الدرك أربعة أشخاص، اثنان منهم معلمان والآخران موظفان إداريان، وقد قدموا للمحاكمة بعد إجراء الفحص الطبي لهم. كما عثرت قوات الشرطة على صناديق مليئة بالكتب في إحدى الغابات، بناء على بلاغ مقدم إليها، وتم التحفظ على هذه الصناديق في قسم الشرطة إلى حين فحصها كما لو كانت شحنة من المخدرات.

خامسًا: الإبلاغ عن وجود كتب لكولن في شمال قبرص

اندلع حريق بسيط في موقع للقمامة في قرية “مهمتشيك” في “إيسكيل” في “جمهورية شمال قبرص التركية” (KKTC) وعندما أبلغ عنه السكان المحليون، وصلت فرق الإطفاء والبلدية ليكتشفوا أن المحروقات هي مجموعة من كتب كولن، فأبلغوا العمدة “جميل ساريزميلي” بالحادثة، الذي اتصل بالشرطة، وقد عثر ضباط الشرطة على 150 كتابًا من كتب كولن، بعض منها أحرق بالكامل وبعضها أحرق جزئيًا، كما عثروا-أيضًا- على اثنين من الأقراص الصلبة، وفلاشة USB. ومن المرجح أن يتم إرسال تلك الكتب المحروقة والمعدات التالفة إلى تركيا ليقوم الطبيب الشرعي بفحصها[4].

وفي حادثة أخرى، اكتشفت السلطات مئات من كتب “كولن” التي ألقيت في مياه سد “أتاتورك” في شرق الأناضول، وعندما أبلغ أحد القرويين قوات الدرك، بدأت السلطات في التحقيق للوصول إلى الفاعل الذي ألقى الكتب في السد[5].

 سادسًا: اعتقالات وتحقيقات لحيازة كتب كولن أو للإخفاق في التخلص منها

في حي “كيمالباسا” أحد أحياء “بورصا”، اعتقلت الشرطة رجلاً يبلغ من العمر 53 سنة؛ لمحاولته حرق عشرات من الكتب لها صلة بـ”كولن” في أرض فضاء في شهر أغسطس2016. كما ذكرت الصحافة التركية: أن أحد العمال المتعاقدين قرر التخلص من الكتب التي تهديها جريدة “زمان” لقرائها، لكن مسعاه فشل عندما اتصل أحد الجيران بالبلدية للإبلاغ عن وجود حريق في أرض فضاء، وعندما أدرك عمال البلدية أن الكتب المحروقة تنتمي إلى “كولن” قاموا بالاتصال بالشرطة[6]، وبعد استجواب الشرطة لهذا الرجل واتهامه بالانتماء لحركة “كولن”، أطلقت سراحه حيث أكد أنه كان يحوز هذه الكتب لأنها كانت تصله مع الجريدة التي كان مشتركًا فيها ليس إلا.

وفي حادثة مماثلة في كلية الاجتماع في مدينة “سانديكلي”، بولاية “أفيون” الغربية، بعد فترة وجيزة من الانقلاب، وجهت إحدى الصحف المحلية، القريبة من الحكومة، اتهامات لرئيس الكلية، لإخفاقه في التخلص من الكتب التي تنتمي لـ”كولن” من مكتبة الكلية قبل وقوع الانقلاب. وعلى إثر هذه الاتهامات سارعت إدارة الكلية في التخلص من هذه الكتب، وفتحت تحقيقات في هذا الأمر[7].

هذه نماذج فقط من بعض الحالات، حيث يوجد مئات من حالات أخرى صودرت فيها كتب الفكر تلك في عديد من مدن وبلدات تركيا. فقد بلغ خوف المواطنين من التعرض للاعتقال أو الأذى بسبب هذه الكتب حدًّا جعل المواطنين في ولاية سرت إحدى المقاطعات الشرقية يسارعون في إلقاء مئات الكتب في موقع ضخم للقمامة، تُكَبُّ فيه نفايات المدينة كلها، وبعد أن اكتشف العمال الكتب -كما كان الحال في العديد من الحالات الأخرى-، أبلغوا الشرطة التي بدأت تحقيقًا في الحادثة بعد ذلك[8].

سابعًا: قمع نظام أردوغان لحرية الإعلام والنشر

وبعيدًا عن الكتب، فقد اتخذ قمع الحكومة أشكالاً مختلفة منذ الانقلاب الفاشل، حيث كان قمع وسائل الإعلام، سواء أكانت موالية، أو معادية لحركة “كولن”، أمرًا ذائعًا، فقد تم إغلاق ما يقرب من 180 منفذًا إعلاميًا مع أول بيان طوارئ أعلنته الحكومة بعد خمسة أيام من محاولة الانقلاب في 20 يوليو 2016، وهو اليوم الذي أعلنت فيه السلطات حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر، والذي استمر -في الواقع- لمدة عامين. إلا أنه قد تم إعادة فتح 20 منفذًا إعلاميًا بعد ذلك، وقد كانت المبررات الرسمية التي قدمتها الحكومة لتلك الإغلاقات: هو الانتماء لجماعة “كولن”، وهذا الأمر لم يتوقف أمامه كثير من النقاد بشيء من الفحص والتمحيص، وطبقًا لقائمة أعدتها الحكومة فقد تم إغلاق 3 وكالات أنباء و16 قناة تلفزيونية و23 محطة إذاعية و45 صحيفة و15 مجلة و29 دار نشر بدعوى علاقاتها بحركة “كولن”[9].

وبناءً على حكم قضائي مشين، قامت الحكومة بإقالة عشرات الآلاف من موظفي القطاع العام، بزعم صلتهم بحركة “كولن”، كما تضمن قرار سبتمبر 2016 أيضًا بندًا لم يحظ بالاهتمام، حيث تم حظر كتب قام الناشرون بنشرها؛ لوجود نوع من العلاقات مع حركة “كولن”، وقد أزيلت بالفعل تلك الكتب التي كانت على أرفف المكتبات العامة والجامعية.

وفي تقرير نشرته صحيفة صباح اليومية المؤيدة للحكومة[10]: أكد التقرير أنه تم اكتشاف 135.000 كتاب من حوالي ما يقرب من 2 مليون كتاب في 1.130 مكتبة عامة لها صلة مع دور نشر تابعة لـ”كولن”، وتمت إزالتها من تلك المكتبات في جميع أنحاء البلاد.

وأضاف التقرير نفسه أنه سيتم حرق 30.000 كتاب، من تأليف “كولن”، بينما سيتم إرسال 100.000 كتاب آخر لإعادة تدويرها واستخدامها في صناعة الورق، بالإضافة إلى ذلك، قامت وزارة التعليم بحذف كتب دراسية من المناهج الدراسية، نشرت بواسطة ناشرين يعتقد صلتهم بـ”كولن”[11]، وطبقًا لتقرير نشرته جريدة “جازت دورو”، على بوابة الأخبار الإلكترونية، أن وزارة التعليم أرسلت تعليمات إلى جميع مدارس تركيا، توضح الحظر الذي فرضته على 29 دار نشر و 15 مجلة و 45 صحيفة، كما أمرت الوزارة مديري المدارس بإزالة جميع الكتب التي نشرتها دور النشر الموالية لحركة “كولن” من المكتبات المدرسية وإرسالها لإعادة فحصها.

وأشارت التعليمات: “أنه يجب فرز جميع المواد المطبوعة والتكنولوجية التي تتعلق بـ “فتح الله كولن”، كما يجب التخلص منها وإعدامها وفقًا لأحكام تتعلق بلائحة وزارة التعليم بشأن المكتبات المدرسية، والسلع المتنقلة”[12].

بعد فترة وجيزة من انقلاب عام 2016، أصدرت محكمة في حي “باكير كوي” بإسطنبول حظرًا على 672 كتابًا من تأليف أو تحرير “فتح الله كولن”، وقد استندت السلطات في حظرها على حكم المحكمة هذا، الذي منع نشر أو تداول تلك الكتب على أي منصة أو مكتبة.

أصدرت جمعية الناشرين الأتراك تقريرًا بعنوان: “تقرير حرية النشر”، يعرض تقريرًا مختصرًا يوضح أن السلطات قامت بتوسيع مجال الحظر على الناشرين ودور النشر، علاوة على الناشرين المنتمين لحركة “كولن”، كذلك تم حظر جريدة “افرينسيل” ذات الاتجاه اليساري[13].

واحتوى التقرير كذلك على قرارات مشينة ونماذج من المعاملة المهينة للأميين لحيازتهم كتب تم إدراجها في القائمة السوداء، كما يتضمن-أيضًا- حملة بعيدة المدى على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي. ووفقًا للتقرير فقد تم سجن 1656 مواطنًا وحبسهم على ذمة التحقيق بسبب تغريداتهم على تويتر، كما أشار التقرير: أن تركيا كانت الدولة رقم واحد في سجن الأشخاص بسبب تغريداتهم على تويتر، كما أجبرت العديد على إغلاق حساباتهم على تويتر، وأصبحت تركيا أكثر دول العالم تحجب مواطينيها عن الدخول إلى حساباتهم على تويتر.

وبشكل منفصل، حظرت تركيا أيضًا الدخول على ويكيبيديا، وهي موسوعة إلكترونية عالمية ضخمة، يقوم بتحريرها متطوعون من جميع أنحاء العالم.

وكشف التقرير أن السلطات حظرت نشر وتداول بعض الكتب، لكن لم يتم إبلاغ الناشرين مسبقًا بهذه القرارات، كما صادرت السلطات حوالي 160 كتابا نشرته مطبعة “إكين”، بينما تم مصادرة 2.200 كتاب من دار “بيلج” للنشر بحجة عدم صحة الأختام.

وكجزء من الحملة، قررت السلطات سحب 72 كتابًا من مجلة “آرام برس”، وكتابًا من “تاكين برس”، وكتابًا من تأليف “كرميزي كدي”، (القطة الحمراء)، التي كانت معروضة في المكتبات.

تحركت قوات تنفيذ الأحكام لمنع توزيع العدد الخاص لمجلة “ليمان” للرسوم الكارتونية، قبل توزيعه، ومصادرة المواد الموجودة، وعندما قامت “ليمان” بنشر عددها الصادر على وسائل التواصل الاجتماعي، أثار صخبًا اجتماعيًا أشعل سلسلة من ردود الأفعال من مؤيدي الحكومة. هذا وقد تجمع مئات الأشخاص أمام مقر مجلة “ليمان”، وهددوا باقتحامه[14]. ووفقا لموظفيها، كان هناك مكالمات هاتفية تهديدية استمرت لعدة أيام، كما أصدرت محكمة السلام المدنية الرابعة بإسطنبول قرارًا بحظر توزيع العدد الخاص.

وبطرق أخرى، فقد استهدف القمع –أيضًا- الكُتاب والصحفيين وأعضاء آخرين في هيئة الصحافة وصناعة النشر، هذا وقد واجه “زولفو ليفانيلي”، الروائي الشهير، حظرًا مماثلاً، حيث لم تسمح السلطات بعرض إعلانات روايته الأخيرة “اضطراب” على المترو ومحطات المترو والأماكن العامة الأخرى، متعللة بفرض حالة الطوارئ[15].

كما تم اعتقال حليم ورمضان أقطاج، وهما مزارعان من ولاية “إزمير” الغربية بسبب حيازتهما لكتب ومجلات مدرجة في القائمة السوداء، وقد أكد التقرير أن الرجلين كانا -في الواقع- أميين، ومع ذلك، فإن هذا لم يعفهما من المساءلة القانونية. وبعد 15 يومًا من الاحتجاز، أُطلق سراحهم.

قامت مطبعة “تيكن” بنشر كتاب نقدي، “لحميد عيد” والذي أصبح هدفًا للمساءلة القانونية[16]، كان موضوع الكتاب: عن قيام تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، و17 مسئولا حكوميًا، بالإضافة إلى بعض المنظمات غير الحكومية، بدعم الجماعات المسلحة، وقد أثار هذا الكتاب ردود فعل قوية من قبل مؤسسة حقوق الإنسان والحريات والإغاثة الإنسانية (IHH)، الموالية للحكومة، ومقرها إسطنبول، حيث قاضتْ (IHH) مطبعةَ “تاكن” بسبب مزاعم تكذيب وتشويه صورة مؤسسة حقوق الإنسان والحريات والإغاثة الإنسانية.

لم تقتصر السياسات المثيرة للجدل على الحالات السابقة، فقد فتحت دعوى قضائية ضد “نيفين إردمير” الرئيس السابق لجمعية الصحفيين الأحرار، والكاتب الفرنسي الشهير “ألبير كامو” والفيلسوف “سبينوزا” من القرن السابع عشر حيث تم تحديدهم كمشتبه بهم، كما تم إضافتهم إلى القائمة بوصفهم “أعضاء منظمة”. وفي دعوى قضائية أخرى بخصوص احتجاجات “جيزي” في “أنقرة”، تم عرض كتب عديدة كتبها “سيرفت تانيلي”، و”نظيم حكمت” و”لويس ألتوسر”، وكلهم متوفون، على أنهم عناصر إجرامية، وفي حادثة أخرى، أصبح عنوان موضوع رسالة دكتوراه “لعارف كوثر” عن نظرية الشمولية لـ “أنطونيو نيجري” محل تحقيق جنائي.

بالإضافة إلى الحظر المفروض، والتحقيقات القانونية السابقة، كانت هناك اعتداءات جسدية ضد الناشرين ومحلات بيع الكتب في مدن عدة في تركيا، حيث تعرض بعض الناشرين لمحاولات إحراق متعمدة، بينما تعرضت بعض المكتبات لهجوم من قبل مؤيدي الحكومة، حيث قام بعض المهاجمين المجهولين بمحاولة إحراق متعمد في مستودع مطبعة “أفاستا” في منطقة صور في ديار بكر. كما حاول مئات الأشخاص نهب وتخريب مكتبات (NT) المملوكة لأفراد متعاطفين مع حركة الخدمة في جميع أنحاء تركيا بعد انقلاب عام 2016. فقد تم تدمير عديد من مكتبات (NT) وحرقها، كما تم استهداف دار نشر (ريد كات برس) هي الأخرى. وفي تطور يبعث على الإحباط والكآبة، أطلقت المحكمة سراح المشتبه فيهم المسجونين الذين يحاكمون بتهمة مهاجمة وحرق مكتبة “كول” سنة 2015 في ولاية كيرسيهر بوسط البلاد، حيث لا يوجد أحد منهم خلف القضبان في هذه القضية.

وفي خطوة أخرى مقلقة، أثارت الحكومة جدلاً متجددًا بسبب نشر “رسائل النور” للأستاذ سعيد النورسي المتوفى عام 1960 (وهي مجموعة أعمال مشهورة للأستاذ سعيد النورسي، الذي تمت محاكمته بسبب آرائه الدينية، ومعارضته للمخططات المتطرفة للنظام الجمهوري السابق، وقد قضى سعيد النورسي عقودًا في السجن، لكن هذا لم يمنع من انتشار آرائه بين تلاميذه في جميع أنحاء البلاد. وقد قامت الحكومات المتعاقبة في أنقرة بحظر كتبه، مما اضطر طلاب النورسي إلى نشرها وتداولها سرًا. ورغم كل المساعي لحظر هذه الكتب فشلت السلطات في القضاء على آراء النورسي كما فشلت في منع كتبه من التداول. وبعد أن سُمح بنشر كتبه وتداولها علنًا بين الناس -ولو على نطاق محدود- عاد الجدل حول نشر رسائل النور مرة أخرى إلى الواجهة وذلك بعدما أعلن أردوغان عن احتكار حزبه لنشر هذه الكتب[17]. وأمر بحظر دور معينة كانت تهتم بنشر هذه الرسائل وسحَبَ ترخيصها، ومنحَ الإذن بنشرها لناشرين تابعين للدولة. وقد أثار هذا القرار رد فعل من مؤيدي سعيد النورسي، مما جعل زعيم حزب المعارضة الرئيسي، حزب الشعب الجمهوري، كمال كلشدار أوغلو، يدخل على الخط في معركة سياسية ضد هذا القرار، حيث أصدر توبيخًا حادًا ضد سياسات الحكومة التقييدية. وأبدى دعمه لجماعة النورسي، في تحول كبير لموقفهم من هذه الرسائل حيث كان مؤسسو حزب الشعب الجمهوري هم أبرز من تصدوا للنورسي ورسائله بقوة وشراسة في العقود الأولى للجمهورية.

ويرى بعض المحللين والخبراء أن هذا التحول الحالي في موقف حزب الشعب الجمهوري يعد خطوة تصالحية لرأب الصدع الذي أصاب صورة النورسي بين شرائح المجتمع العلمانية. فقد أعلن رئيس حزب الشعب الجمهوري بفخر قبل أسبوعين من الانقلاب، أن حزبه هو الذي قاوم الحظر الأخير الذي فرضه الحزب الحاكم على إعادة نشر رسائل النور[18]. كما استمر النقاش دائرًا بسبب الحظر الدائم الذي تفرضه الحكومة.

ثامنًا: قيود جديدة على إدخال الكتب إلى السجناء

وفقًا لتقرير جمعية الناشرين الأتراك، فقد فُرضت قيود إضافية على أكثر من 200.000 سجين داخل السجون التركية. حيث يقبع في سجون أردوغان الآن أكثر من 50.000 شخص، منهم جنرالات ودبلوماسيون وقضاة ومدعون عموميون ومدرسون ومدنيون عاديون من جميع الطوائف، بسبب تهم تتعلق بالانقلاب، والإرهاب في أعقاب الانقلاب.

كانت أوضاع السجن مصدر قلق عظيم لمنظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة. وكان أحد تلك القيود التي يواجهها السجناء هو دخول الكتب. حيث وضعت السلطات قيودًا على عدد الكتب التي يمكن للسجين حيازتها. حيث يمكن للسجين حيازة 15 كتابًا على الأكثر، وقد تم تطبيق هذا الإجراء في جميع سجون تركيا بعد الانقلاب. وفي بعض الأحيان، قد يستغرق الأمر شهرين قبل استبدال الكتب التي تمت قراءتها.

كانت الكتب التي تنتمي لكولن محظورة، وقد قامت بعض إدارات السجون بمبادرة منها، بحظر دخول تلك الكتب. كما لم تسمح السجون أيضًا بالمنح الخارجية للكتب، وحذرت أفراد الأسرة أو الأقارب من محاولات إرسال الكتب إلى ذويهم.

وفي أنطاليا، منعت إدارة السجن أحد المحامين من توصيل كتب مرسلة من أقارب خارج السجن. وقد استندت إدارة السجن في قرارها إلى حكم قضائي سابق صادر عن الحكومة، يقضي بأن الذين يحاكمون بتهم الإرهاب يحق لهم إدخال الكتب المدرسية فقط.

تاسعًا: حرب الحكومة على الفن وتشويه الآثار

هناك إشكالية في علاقة حزب العدالة والتنمية الحاكم بالفن، منذ تولي الحزب السلطة لأول مرة في عام 2002. فإذا كان الحزب قد حقق بعض النجاحات في عدد من المجالات لبعض الوقت مثل الاقتصاد والشئوون الداخلية، فقد فشلت حكومة حزب العدالة والتنمية في سياساتها المتعلقة بالثقافة والفن. حيث يرجع كثير من المعلقين والخبراء من مختلف الطوائف الفكرية هذه الحالة المخزية للفن في تركيا إلى نظرة حزب العدالة والتنمية إلى الفن نفسه[19]. فحزب العدالة والتنمية، كما ورد في موقع بيانت[20](Bianet)، ليس لديه معنى محدد وشامل للفن من منظور أوسع، ومن ثم واجه حزب العدالة والتنمية دائمًا مشاكل في الفن، بسبب عقلية أفراده التي تتخذ موقفًا سلبيا من هذا الفن، فهو يتعامل معها بمنطق أن هذه ساحة خصومه من العلمانيين واليساريين، ومن ثم فكثيرًا ما يتورط حزب العدالة والتنمية في حروب ثقافية مع خصومه من العلمانيين اليساريين[21]. فقد استولى بشكل منهجي على المسرح وهيئات فنية غربية أخرى، وحاول نفي فنانين يعملون في مثل هذه الهيئات. ومنذ احتجاجات جيزي بارك، قطعت الحكومة التمويل عن عدد من المسارح ودور الأوبرا، وتراوغ في تجديد العقود السنوية للعازفين والمنتجين.

ويعرض موقع بيانت تحليلاً لهذه الرؤية من زاوية أخرى، حيث يوثق كيفية أداء حزب العدالة والتنمية في مشاريع الترميم الكبرى. فوفقًا لوجهة النظر المشتركة بين الأكاديميين والمراقبين، فإن سجل الحكومة في ترميم المعالم التاريخية مثل المساجد والمتاحف والكنائس والمعالم الأثرية الأخرى سيء للغاية.

يرجع جزء من هذه الصورة الكئيبة-حسب موقع بيانت- إلى البحث عن الربح والدوافع التجارية. حيث يمنح نظام المحسوبية للشركات المرضي عنها مشروعات الترميم دون النظر إلى الفنيات، وأحيانًا التكلفة، ومتطلبات العمل. ويُعد دِير سوميلا في ولاية طرابزون المطلة على البحر الأسود أحد الأمثلة الرئيسية، فقد كانوا يظهرون القليل من الالتزام في الحفاظ على الهيكل الأصلي للمبنى. كما عانت أماكن أخرى في إسطنبول مثل قلعة “روميلي” المطلة على مضيق البوسفور من الاهتمام السطحي بمشروع الترميم.

إن ما تظهره كل هذه الحالات هو أسلوب أوسع متأصل في النظرة المشوهة والموجهة أيديولوجيا لحزب العدالة والتنمية تجاه الفن والثقافة.

إن إخفاقات حزب العدالة والتنمية في المشاريع الكبرى وعدم اهتمامه تتجاوز العداء الأيديولوجي تجاه المؤسسة العلمانية السابقة، إذ لا يمكن تفسير إزالة المواقع المعمارية الكبرى والمسارح فقط بذلك، فالصورة الكئيبة تتمثل في عدم الكفاءة الهيكلية والتعامل السطحي مع المعالم التاريخية الأثرية أكثر من كونها مجرد عداء أيديولوجي تجاه الفن. فحكومة حزب العدالة والتنمية ليس لديها اهتمام في إسناد المشاريع للخبراء. ومن ثم فإن تنفيذ هذه السياسة المخزية يزيد من مخاوف المنتقدين حول مزيد من الضرر تجاه المواقع التاريخية.

وفي بيان مفصل آخر، وثقت “بيانت” كيف أن بعض مشاريع الترميم قد فشلت[22]. فقد خضعت قلعة عمرها 2.000 عام في حي “شيلا” بإسطنبول للترميم. ولكن ما ظهر بعد ذلك، كان أبعد من أن يصدق، حيث أشرف المهندسون المعماريون ومديرو المشروع على المهمة الشاقة إلا أنهم بكل بساطة لم يهتموا بالشكل الأصلي للقلعة.

أثار الاختلاف الجوهري بين النسخة القديمة والنسخة الحديثة جدلاً جديدًا، حيث أصبح مصدرًا للسخرية على وسائل التواصل الاجتماعي مع تزايد ازدراء الناس حول التعامل المشين لمشروع الترميم.

عانى مسجد (كنيسة سابقا) في “إزنك” “نيجايا”، من العصر العثماني من كارثة أخرى، حيث كان المسجد يستخدم كمتحف حتى عام 2011، وبعد ذلك التاريخ، فتحته السلطات للصلاة، لكنهم قاموا بتثبيت باب زجاجي على البناء القديم للمسجد، مما أثار انتقادات واسعة[23].

ولم يقتصر الأمر على هذا الحد بل لقد عانى كلٌّ من مسجد مسنيحان، وعتيق فاليد كولي (مجمع تعليمي من العصر العثماني، به مستوصف طبي)، ومسجد سهيل بك، الذي بناه المعماري سنان الأسطوري، وقلعة أورفا، وقصر إسحاق باشا في ولاية فان الشرقية، وبعض القطع والهياكل الأثرية الرومانية القديمة من المعالجة السيئة لمشاريع التجديد.

الخاتمة

تكشف الأحداث المثيرة لاضطهاد أشخاص بسبب حيازة أنواع معينة من الكتب، عمق المأساة التي حدثت في تركيا، عندما تخلص آلاف الأشخاص في عجلة من أمرهم، من أعداد لا حصر لها من الكتب خوفًا من المسائلة القانونية بسبب حيازتهم بعض الكتب المدرجة في القائمة السوداء للكتب. أعاد هذا التصرف تركيا تاريخيا إلى ما كان يحدث في الماضي.

على مدار فترات مختلفة، تم حظر السلطات لبعض الكتب، حيث كانت الرقابة صفة مميزة للنظام الجمهوري الجديد، كما تم تعديل قانون الصحافة بدقة، حيث منح صلاحيات واسعة للسلطات لكي تحكم قبضتها على وسائل الإعلام ودور النشر. ومن ثم أصبحت المعارضة للنظام الجديد مستحيلة. ولم يُسمح للمنافذ الإعلامية المعارضة أن تتعامل مع قضايا الأمن القومي الأساسية.

إن تاريخ حرية التعبير مليء بنماذج سحق الحريات، وتكميم المعارضة، وإخماد التفكير النقدي والمعارضة. وقد كان قانون الإعلام لعام 1931 دليلاً على وجود نظام استبدادي.

ما حدث بعد ذلك كان حلقة سيئة السمعة من النكسات فيما يتعلق بالتاريخ الطويل للكفاح من أجل توسيع نطاق حرية التعبير وحرية الصحافة. لقد عاشت تركيا أثناء عصر التعددية الحزبية، ولفترة وجيزة، نوع من حرية وسائل الإعلام، وذلك قبل أن تنهار حكومة الحزب الواحد ليغرق الحزب الديمقراطي في النهاية في الفساد والانحلال في أيامه الأخيرة.

 

وخلال سبعينيات القرن العشرين، قامت هيئة تطبيق القانون والسلطات التركية بالبحث عن الكتب اليسارية للحد من انتشار الشيوعية في أنحاء تركيا. فقد شكلت عقلية الحرب الباردة تفكير القادة الأتراك عندما واجهت تركيا تهديدًا وجوديًا ووعيدًا من جانب الاتحاد السوفيتي عبر حدودها الشمالية الشرقية والبحر الأسود. فقد كان التعبير عن الأفكار اليسارية والمد الاشتراكي المنتشر في الجامعات بمثابة تحديات تهدد أنقرة. لقد شوهدت الكتب الدينية في هذا السياق لفترة زمنية أطول على مدار تاريخ الجمهورية. ومع ذلك، فإن الانتقال إلى الديمقراطية والانتخابات الشعبية بعد التدخلات العسكرية جلب بعض الارتياح ورفع الحظر.

اليوم، تم فرض حالة جديدة من الحظر الشديد، خنقت عالم النشر عن طريق القمع والاضطهاد الأبدي. إن حرق الكتب التي ألفها “كولن”[24]، واعتقال مئات الأشخاص بسبب حيازتهم لتلك الكتب، وتجديد الحظر على المجلات والصحف الكردية، ومداهمات الشرطة ضد الناشرين اليساريين، تمثل حقبة مظلمة جديدة للمشهد الثقافي والأدبي في تركيا.

[1]  Ateist’ Doç. Dr. Candan Badem, Odasında Gülen’in Kitabı Bulununca Gözaltına Alındı, Haberler.com, Aug. 3, 2016, 1 (Access to website: Feb. 18, 2019)    https://www.haberler.com/ateist-doc-dr-candan-badem-odasinda-gulen-in-8671206-haberi/

 

[2]  Kitap yakmak isteyen ev hanımını gözaltına aldılar…., Samanyolu Haber June 8, 2018.  2 http://www.shaber3.com/kitap-yakmak-isteyen-ev-hanimini-gozaltina-aldilar-haberi/1307344/

 

[3] Gülen’in kitaplarından kurtulmak isteyen isteyene, Hurriyet, July 20, 2016.   3 http://www.hurriyet.com.tr/gundem/gulenin-kitaplarindan-kurtulmak-isteyen-isteyene-40156153

 

[4]  Yakılan Feto kitapları Türkiye’ye gönderiliyor, Kaynak: Yakılan Feto kitapları Türkiye’ye gönderiliyor, Detay Kibris, 5 07.20.2016, http://www.detaykibris.com/yakilan-feto-kitaplari-turkiyeye-gonderiliyor-128262h.htm

 

[5]   Atatürk Barajı’na atılmış FETÖ kitapları bulundu, mynethaber, Aug. 15, 2016.  6 https://www.mynet.com/ataturk-barajina-atilmis-feto-kitaplari-bulundu-110102588358

 

[6]  FETO Kitaplarini Yakarken Yakalandi, Yildirim, August 23, 2016. 7 http://www.yildirimgazetesi.com/gundem/feto-kitaplarini-yakarken-yakalandi-h31925.html

 

[7]  Yakilan FETO Kitaplari, Afyon Zafer Net, November 7, 2016.  8 https://www.afyonzafer.net/afyonkarahisar/yakilan-feto-kitaplari-h33545.html

 

[8]  Siirt’te FETÖ’nün kitapları çöpten çıktı, Haberiniz.com, August 9, 2016.   9 http://www.haberiniz.com.tr/teror-adliye/siirt-te-feto-nun-kitaplari-copten-cikti-324475h.html

 

[9]  Kapatılan FETÖ yayınları – Tam liste! Star, November 15, 2016. 10 https://www.star.com.tr/egitim/kapatilan-feto-yayinlari–tam-liste-haber-1141040/

 

[10]  FETÖ elebaşısının kitapları toplatıldı, Sabah, September 1, 2016.  11 https://www.sabah.com.tr/gundem/2016/09/01/feto-elebasisinin-kitaplari-toplatildi

 

[11]  MEB 29 yayınevine ait tüm kitapları yasakladı, Gazete Duvar, August 14, 2016. 12 https://www.gazeteduvar.com.tr/gundem/2016/08/14/meb-29-yayinevine-ait-tum-kitaplari-yasakladi/

 

[12]  Ibid. Gazete Duvar, August 14, 2016.  13 https://www.gazeteduvar.com.tr/gundem/2016/08/14/meb-29-yayinevine-ait-tum-kitaplari-yasakladi/

 

[13]  KHK’lar ile 30 Yayınevi Kapatıldı, Bianet, June 6, 2017.  14 https://m.bianet.org/bianet/medya/187174-khk-lar-ile-30-yayinevi-kapatildi

 

[14]  Turkish Publishers Association Report  15 http://turkyaybir.org.tr/wp-content/files_mf/1495522936dusunceifaderapor_web.pdf

 

[15]  Ibid, Bianet. https://m.bianet.org/bianet/medya/187174-khk-lar-ile-30-yayinevi-kapatildi

 

[16]  Tekin Yayinevi, September 6, 2018.  17 https://twitter.com/TekinYayinevi/status/1037621641424134145

 

[17]   Risale-i Nur nasıl yasaklanıyor, Gazete2023, July 31, 2014.  18 http://www.gazete2023.com/dusunce-analiz/risalei-nur-nasil-yasaklaniyor-h19135.html

 

[18]  AKP, Said-i Nursi’nin kitaplarını yasakladı, o yasağa biz direndik,” Yeni Asya, July 3, 2016.  19 http://www.yeniasya.com.tr/politika/akp-said-i-nursi-nin-kitaplarini-yasakladi-o-yasaga-biz-direndik_402469

 

[19]  AKP’nin Sanata Düşmanlığı, Huseyin Sengul, Bianet, October 1, 2015.  20 https://m.bianet.org/bianet/siyaset/167946-akp-nin-sanata-dusmanligi

 

[20]  موقع تركي مهتم بحقوق الإنسان وحرية الصحافة ويبث بثلاث لغات وهي التركية والكردية والإنجليزية

 

[21]  Can Bahadir Yuce, Mozart ve İslamcılık, Kronos News, January 13, 2019.  21 https://kronos17.news/tr/mozart-ve-islamcilik/

 

[22]  Tartışmalı 10 Restorasyon, Bianet, August 29, 2015,  22 http://bianet.org/biamag/sanat/167174-tartismali-10-restorasyon

 

[23]  Ibid, Bianet, August 29, 2015

 

[24]  Related Twitter news about burnings, raids, probes over Gulen-affiliated books.  24 https://twitter.com/search?f=tweets&q=Fet%C3%B6%20Kitaplar%C4%B1%20yak%C4%B1ld%C4%B1&src=typd